الأمير يستسلم وينقل إلى فرنسا
قال فوافقهما على ذلك وكتب لهما كتابا للجنرال لمنسير (٢٦٦) يطلب فيه من الدولة الأمن والأمان لكون الدولة في غاية تأسيس البنيان. فأخذ محمد بن خوية الزمالي تلك الرسالة وذهب مسرعا لولد الرّي وأبي هراوة. ولما وصلهم ذلك حصل بهم السرور للمقيمين وأهل السراوة. / وقد ذهب مع خوية طائفة من كبراء الأمير لاتمام الأمر وإزالة التعسير. فبعث الجنرال سيفه للأمير علامة الأمان على القدوم. فقدم الأمير وسلم نفسه للجنرال وكان غائبا فعرض خليفة الجنرال وهو الكلونيل منتوبه للأمير فاجتمع به بسيدي إبراهيم المعلوم. ولما أقبل الأمير عليهم ، جاز على الفرسان وحياهم بغاية التحية وتوجه إلى جامع الغزوات وقلبه مائيل غاية إليهم. فوصل إليه عشية فألفى هناك أهل بيته ، فأتى الجنرال في أثره مع الباقين من ناس الأمير في وقته. وفي ثاني يوم اتفق الجنرال مع الدولة على بعث الأمير وكبراء دائرته لمكة أو عكة وكان يوم دخول الأمير في حماية الدولة يوما مشهورا بإقليم الجزائر. وضربت المدافع بجامع الغزوات الدالة على سرور القاطن والزائر.
وكان الأمير لما دخل الغزوات دخلها حاملا لسيفه ، علامة على أنه لم يؤخذ قهرا وإنما أسلم نفسه للدولة وليس به شيء من خوفه. ولما اجتمع الجنرال بالأمير أهدى له الأمير سيفه وتأسّف وأخذه البكاء والحزن وبات هو وخلفاؤه في غاية من الحزن. ومن الغد صباحا ركب فرسه وذهب معه أصحابه إلى محل ولد الرّي وهو الدوك دومال فنزل بالبعد وأخذ فرسه بيده وأقبل على ابن السلطان فرحب به وهنأه وأظهر له جميع الكمال. ثم رجع الأمير ماشيا إلى قيطونه ، وعند الزوال ركب ابن الرّي والجنرال والأمير البحر فوصلوا للمرسى الكبير بوهران في نصف اليل (كذا) وأزال الأمير ما كان بقلبه من حزونه (كذا) ، وفوض أمره لله وتوكل عليه. فكان مآله الصلاح في كل ما عول عليه.
__________________
(٢٦٦) يقصد لاموريسيير. الذي يلقبه بأبي هراوة. أما ولد الرّاي فهو الدوك دومال ابن الملك الفرنسي لويس فيليب.