ثم كلفت الدولة بحفظ الأمير وخدمته من كان مريشالا مرطمبري (٢٦٧) صاحب التأليف المشهور. فطلب منه الأمير أن يأتيه بطبيب لدواء ساقه المجروح منه في المسطور. فأنسه وأجابه بلذيذ الخطاب. وقال له لا تجزع فلقد نلت على دينك ما نلت من الملك الوهاب. وإنك في عام خمس وثلاثين وثمانمائة وألف حصل لك الرج في تافنة ، وفيض العطش ، والزبوج والمقطع ، لما كانت صولة ملكك لأني حضرت لتلك الوقائع والآن لما زال ملكك فلا تكن من أهل الجزع. لأن الأيام جعلها الله متداولة بين عباده. وكل منهم يبلغ منها بإذن الله ما شاء من مراده. وكان الأمير منكسا لرأسه لا يتكلم بشيء من الكلام. وإنما هو مشغل بالكتابة وحوله خليفته صهره السيد الحاج مصطفى بن التهامي يملي عليه في بعض الأحيان بعض الكلام. وعند الثمانية جاءت الفرقاطة لحمله بأصحابه وخلفائه وأهلهم وهم في غايات الجراح. فركبوا بقصد الذهاب لمرسيلية ولزموا أنفسهم بالانشراح. وعند العشرة توجهوا لافرانسا بمراء (كذا) العيون. ووقت الاثنا عشر غابت بهم في لجة البحر عن العيون. ولما دخل ولد الرّي لوهران ذهب ومعه الجنرال والحكام أهل النظام. للكنيسة وأنشدوا أشعار السلطان / لوي (LOUIS) وبالغوا في الثناء على إزالة الفتنة بعد هطل الدماء الكثير وعلى قبضهم للأمير وبعثهم إياه لافرانسا وعلى تملك الوطن والعلو على الإسلام. ولما أثبتت الدولة للجنرال أبي هراوة قبض الأمير هنوه (كذا) على ذلك بغير الحدسة.
فأجابهم بأنه قبضه على وجه أن يبعثه للمشرق هذا وجه القبض لا مطلقا فقالوا له هذا منك وقع على وجه الهندسة ، فإنه لا يخرج من افرانسا أبدا لأنه إذا خرج بأهله لا محالة أنه يأتي من صحراء القبلة ويعود لما كان عليه. فقال لهم الجنرال الشرط لازم وقد ذكرته لكم من غير ميل مني إليه. ثم إن الدّوك خرج من وهران لمسرقين ومنها زاد لسيق. ثم لمستغانيم ثم رجع للمقطع وركب البحر من رزيو لوهران ثم توجه للجزائر بالتحقيق. ثم توجه الجنرال لمنسير (كذا) لافرانسا ليتكلم في قضية الأمير مع أهل القامرة. ولما ذهب الأمير لافرانسا رجع بنوا عامر من المغرب لبلادهم بعضهم برا وبعضهم بحرا وهم في سوء حال وقلة عيش والكثير منهم ضاع في القولة القامرة.
__________________
(٢٦٧) يقصد الضابط مارتيمبري : Martimprey.