الآغا الحاج محمد المزاري والد المؤلف
فالحاج المزاري تربى عند كافلته الغولية وكافلة العربي بن نعمة إلى قرب الاحتلام وزار ولي الله الضرير سيدي محمد أبي دية فدعا عليه بالخير ونيل علوّ المقام ، فرجع لأهله عند أعمامه وتدرب بالخيل إلى أن صار في غاية الفروسية والنيل لمرامه. وقد ولد بالمعسكر في عام واحد ومائتين وألف الموافق لسنة أربعة وسبعين وسبعمائة وألف ، ولما صار في عمره ستة عشر سنة دخل خدمة المخزن بالتحقيق ، وبانت شجاعته إلى أن بادت للعدوّ والصديق. وحين قام رايس (كذا) درقاوة وهو السيد عبد القادر بن الشريف ، على الباي مصطفى بن عبد الله في ولايته الأولى لينزع منه الملك ويدع الترك في صورة التحريف ، وهو عام تسعة عشر ومائتين وألف ، الموافق لسنة ثلاثة وثمانمائة وألف ، اجتهد هذا الشجاع المزاري وهو مع عسكر الأتراك في القتال البديع على لواء الباي ، واشتهرت شجاعته عند الغبي وبادي الرأي ، وما ذلك إلا لكونه من أبناء البيوت الكبار ذات النجم الناير ، وكبير القدر والجاه وقد ظهر منها آغوات عديدة في عرش الدواير. ولا زال ملازما للقتال إلى أن تعجب منه سائر الناس وهو لا يعبؤا (كذا) بالعدوّ وكثرة الحراس. ثم تولى الخدمة المخزنية في وقت الباي محمد المقلش في عام إحدى وعشرين ومائتين وألف ، الموافق لسنة خمس وثمانمائة وألف ، ولما رجع الباي مصطفى إلى منصبه مرة ثانية رجع المزاري لخدمته سيارا علانية ، أي مختصا بالسير من وهران للجزائر ، واسطة بينه وبين الباشا مالكا بر الجزائر. وهذا المنصب في ذلك الوقت كان من أعلا (كذا) المناصب ، المعتبرة عند الأجانب والأقارب. فابتدأ في خدمتها من عام ستة وثمانمائة وألف ، الموافق لعام اثنين وعشرين أو ثلاث وعشرين ومائتين وألف : ثم ارتقى قايدا على بني مطهر وذلك في أيام محمد أبي كابوس في عام ثمانية أو تسعة وثمانمائة وألف ، الموافق لعام أربعة وعشرين ومائتين وألف ، ومكث فيها إلى سنة سبعة عشر وثمانمائة وألف ، الموافقة لعام اثنين وثلاثين ومائتين وألف في وقت حسن باشا. فصار خليفة على عمه مصطفى بن إسماعيل آغة الدوائر ، وظهرت نجابته وعلت كلمته عند القاطن والزائر. فلم يك (كذا) إلّا أمد قليل وإذا به ارتقى لمنصب آغة الدوائر. وصار يأخذ نوبته مع عمه مصطفى بن