أوليفي اشتد غضبه على قاتله وأراد عقابه ، وهو مستقر بالبرطانية يرتجي جوابه ، فزحف له بجيوشه سنة تسع من القرن التاسع (١٣٦) ولما وصل لغابة دومان ، وهو مع جيشه في أمن وأمان ، خرج له رجل عاري الرأس غير متنعل ليس عليه إلّا قميص به مستور ، فهجم عليه وقبض لجام فرسه وقال أيها الملك ارجع خلفك ولا تزد أمامك خطوة فإنك في هذا اليوم مغدور ، وإن خالفت هلكت لا محالة ، وتبقى جثتك مثالة ، فذهل الملك من ذلك ودخله الخوف الشديد ، وزال من حينه عقله السّديد ، وكان سابقا قد أصابه الاختلاط ، لكنه يأتي ويذهب بالنشاط. ولما أصيب في عقله تولى النظر في الملك في موضعه دوبيري ثم أنه رجع إليه عقله وجعل أخاه دورليان هو المتصرف في الملك بالتصييري ، ثم بعده ابنه جان وقتل ابن عمه دورليان سنة أربع وعشرين من القرن التاسع بالتبيان (١٣٧) وفي أيام شارل اخترع اللعب بورقة الكاغط لتسليته لما أصابه اختلال عقله ببليته.
الملك شارل السابع
ورابع خمسينهم ابنه شارل السابع ، المشهور الملقب لوفيكتوريو ، ومعناه بلغتهم المنصور. تولى عام تسع وثلاثين وثمانمائة (١٣٨) ومات سنة ثمان وسبعين من المذكور ، بعد ما ملك تسعا وثلاثين سنة في المشطور. ومن خبره أنه كان ذا شجاعة عجيبة وأخلاق لطيفة غريبة ، لكنه مال في أيامه للزهو والانطراب ، وغفل عن ملكه فلم يستيقظ له حتى استولى الانقليز على كثيره بغير الارتياب. وكان القتال بين الفريقين فهزمت جيوش شارل بنواحي فيرنوايل سنة إحدى وأربعين من التاسع في صحيح المقايل ، فجاءته يوما امرأة من / جيشه يقال لها جان دارك ، ابنة تسعة عشر سنة وكانت راعية فقالت له إن نصرك على عدوك لا يكون إلّا على يدي فاجعل أذنك لي واعية ، فوافقها وذهبت معه للحروب ، وتقلدت بآلة الحرب فصارت عارفة للدروب ، وذلك سنة ست وأربعين (١٣٩) من المذكور فصار
__________________
(١٣٦) الموافق ١٤٠٦ ـ ١٤٠٧ م.
(١٣٧) الموافق ١٤٢١ م.
(١٣٨) الموافق ١٤٣٥ ـ ١٤٣٦ م.
(١٣٩) الموافق ١٤٤٢ ـ ١٤٤٣ م.