الآغا قدور الكبير
ثم اعلم أن إسماعيل لما مات قام بعده بالرئاسة ابنه قدور الكبير ، وصار آغة المخزن بأسره في القول الشهير. فسار سيرة حسنة. وصارت أحواله مستحسنة. وعدل في سيره بغاية المراد. وأظهر العدل للحاضر والباد. وكان محبا للعلماء والأولياء وجميع أهل الصلاح ، وكافلا لليتامى والأرامل وسالكا سبل النجاح. ومشفقا بأحوال المساكين (كذا) والضعفاء ومعظما للطلبة والشرفاء ، وكان يميل مع الحق حيث مال ، ومدحضا للباطل ولا يتبع فيه قول من قال. وكم له من حملات على العدو وفي فتح وهران ، حتى دهش منه العدو في كل زمان ومكان. وكان بطلا شجاعا ، ومحبا للخير ومهابا مطاعا ، لا تأخذه في الله لومة لائم. حتى كانت عمامته فوق جميع العمائم. ولما أراد الباي محمد الكبير فاتح وهران إجلاء الطلبة من المدرسة لما تكررت بهم الشكاية من أهل البلد بادر إلى إطفاء ذلك وقال للباي لا تطرد الذاكرين الله المكلمين له بكلامه في كل وقت بهذه المحدسة. وإنما اجعل نظرك عليهم وعاقب من جاوز الحدود ، واكفف أهل البلد عن الشكاية بحاملين كلام الالاه (كذا) المعبود. فسر الباي بقوله وفرح ، واطمأن قلبه وانشرح ، وعمل برأيه السديد ، فكان الثناء الجميل عليه من كافة الناس على ذلك القول المفيد. وصارت الناس من فعله الجميل في غاية الهذيان إلى سارت (كذا) الركبان بجميل فعله لسائر النواحي في كل زمان ولقد كان محمود الأفعال والأقوال ، ومقبول الكلام ومطاع الأمر في سائر الأحوال. فلا تجد مثله في زمانه من علا صيته وانتشر ، وفرحت الناس بسيرته غاية الفرح وكل منهم / به قد استبشر. ولا زال في علّو الهمة ورفع الكلمة والارتفاع في الرئاسة وبذل الجهد في فعل المعروف مع الكبير والصغير ، إلى أن توفي فدفن بوهران بمقبرة سيدي البشير. وتقدم الكلام على سيرته وما قيل فيه من الأشعار في ترجمة الباي محمد الكبير بالزيادة ، بما يغني عن الإعادة. ولما مات خلف أربعة أولاد باشتهار ، وهم : الحاج محمد المزاري ، والحاج عبد القادر ، والموفق ، ومحمد الفار.