بخباخ ، كثر القتال بينهما وظهر الوبال واشتد الصراخ ، ولم يفترقا من المقاتلة إلّا بعد الشفق ، فجاوزت المحلّة الوادي إلى الجهة الشرقية ونزلت بالرميلية أسفل مدينة باريق الآن في القول المحقق (٢١١). قال بعض مؤرخي النصارى وانجرح المزاري في هذه الواقعة ، لكنه جرح سلامة لا جرح الصاعقة وأخذوا للأمير مدفعين وقتلوا منه كثيرا بلا مين.
كلوزيل يحرق مدينة معسكر
ثم ارتحلت المحلّة من الغد وذهبت مع طريق سجرارة ، وباتت بالعين الكبيرة مبيتة مختارة ، وصار الحرب كبيرا لما حلت بجبل البرج ، وكثر الهم ووقع الهرج ، وأمر الأمير أهل المعسكر بالانجلا (كذا) فانجلوا عنها ، ودخلها المريشال بجيوشه من الغد عند الغروب دون قتال فلم يجد بها أحدا منها ، وكان ذلك في الخامس عشر من شعبان ، الموافق لسادس دسانبر بالبيان (٢١٢) ، وأقام بها ثلاثة أيام وخرج منها مختارا ، بعد أن أخربها (كذا) وأضرمها نارا ، ورجع في راحة لمستغانيم ، مستبشرا بالفتح ونيل المغانيم ، وفي حال رجوعه اشتد البرد الشديد ، وكثر المطر العتيد ، لكون الفصل فصل الشتاء في صحيح الأقوال ، وقد مات للدوائر وحدهم في تلك الرجعة مائتا جمل فضلا عن الخيل والبغال وانقطعت محلّة دارلانج مع الكونفة (٢١٣) وغلب العدو الجيوش ، إلى أن رجع له المريشال فأطرده ، وصيّره العهن المنفوش.
الآغا المزاري ينضم للفرنسيين
ولمّا انجلا (كذا) الناس من المعسكر ، ورأى آغة المزاري أن الأمير قد غض منه البصر ، وصار لا يوافقه لا في النهي ولا في الأمر ، وسعى الوشاة بينهما
__________________
(٢١١) يقصد : مدينة المحمدية الحالية التي سماها الفرنسيون : Perregaux وهو اسم العقيد بيريقو أحد ضباط الاحتلال.
(٢١٢) يقصد عام ١٢٥١ ه الموافق ٦ ديسمبر ١٨٣٥ م.
(٢١٣) يقصد القافلة من الكلمة الفرنسية : Convoi