عباءة زرقاء مفتوحة اللون وعلى رأسه عمامة بيضاء ومما اتصف به خلاف ما هو في عادة العرب أنه لم يتعاطى الفروسية وأهمل العلم بل أنه جمع بينهما كما قال رحمهالله في قصيدته التي كان أنشدها في أيام سلطنته:
فإن شئت علما تلقاني خير عالم |
|
وفي الروع والوغا أحاديثنا تروى |
نشاط الأمير في دمشق
هذا وله خوض في جميع الفنون لم يقتصر على الفقه فقط ، لا سيما علم الأدب والشعر كما شوهد من عدة رسائله ، فقد قال أهل دمشق أنه حصل سرور عظيم حين صادف فرصة في حماية النصارى من الفتك بهم حيث الثورة التي وقعت في سنة ١٨٦٠ ، وفرح بإعادته لما كان متحلفا به من الحومة في ميدان الحروب بعد التخلي عنها زمانا لا سيما إذا كان ذلك دون نقض المعاهدة مع الدولة الفرانسوية فوثب على الفاتكين بالنصارى كالأسد الضاري ولا زالت دكانه في دمشق تشهد على جلوسه عليها متحزما ثلاث ليالي لدفع كل هجوم يقع على المساكين الملتجئين إليه فبينما كان والي دمشق أحمد باشا لم يبرز منه أمر بكف ذبح النصارى تريس (كذا) الحاج عبد القادر على عدة من الجزائريين المصادقين له ، وقصد دار قنصل افرانسا ومنها خرج سبع مرار (٢٦٩) للتفتيش على النصارى الفارين في الأزقة الفازعين من شدة الرعب ليبوأهم (كذا) في داره حتى اجتمع عنده ثلاثة آلاف نفر.
كما أمن في القلعة عشر آلاف وجعلهم تحت حماية جزائرية فمات من خدامه بإزائه سبعة أنفس ثم إن شيخ الإسلام أمر بمقاتلة الأمير عبد القادر في داره وهو تأهب للمدافعة عن نفسه إذا بألف نفس من دروز حوران دخلوا البلاد تحت أمر أسعد عمر الذي هو محب لقنصل اليونان ووعده بنصرته كلما حل الخطر وحمي الوطيس وكان الأمير كذلك فجاء أسعد إلى الأمير وقال له ها أنا بين يديك فأمرني بما شئت ؛ وبمساعدته أمكن للأمير تخليص الثلاثة آلاف من الفتك.
__________________
(٢٦٩) يقصد سبع مرات.