أنه الذي كان يتصرف عليه في الملك بالنيابة عنه لصغره بالعياني ، أمه ووزيره كونجيبني الطلياني ، فامتنعت الأمة من الإذعان له وخلعوا الطاعة ، وراموا العناد والفضاعة ولما بلغ الملك في السن ستة عشر سنة وهو وقت الصولة ، خلع أمه والوزير وذلك بأشلاء الدولة ، فسجنها وقتل الوزير خفية ، فصار الناس جهتين أحدهما له والأخرى لوالدته خفية ، واشتغل باللعب واللهو ، وأدّاه ذلك إلى أمور الهزل والسهو ، فخلعت الأمة الطاعة ، وأوقدوا الحرب وخرجوا عن الجماعة ، ولم يذعنوا إلّا بعد الفتن الشديدة ، والمصائب الوافرة العديدة ، ثم حاصر مدينة روشيل وبها الروافض وفعل بها ما يليق بكل باغ ورافض ثم جهز الجيوش وأخذ في الرحلة لروشيل أيضا فحاصرها ، إحدى عشر شهرا معدودة لحظة لحظة ، وقتل منهم نحو الخمسة وعشرين ألفا ، فأذعنوا للطاعة وبها اتصفوا وصفا ، فهدم أسوار المدينة وأمنهم وارتحل عنهم وتركهم في غاية الضنك وبلغ مصروف تلك الواقعة أربعين ألف ألف افرنك ، ثم توجه لنصرة والي عمالته بأرض الطليان بعد ما اتفق على منعه من الجواز له ملك الأندلس ووالي عمالة السّفوا ، وملك الألمان ، فهزم الأعداء واستولى على سوز ، ثم زاد لنصرة كزال بلا مانع ولا محوز ، فسأل والي السّفوا المهادنة فوافقه عليها وهو بسوز ، ثم نقضها فصرف إليه وزيره دوريشليو المبروز فحاصره / واستولى على بينيورول عنوة ، وأذعنت له بالطاعة سائر عمالة السفوة ، ثم استولى لويز على وطن اللورين وارتفع قدر دولته عند كافة الملوك بالتمرين.
الملك لويس الرابع عشر
وخامس ستينهم ابنه لويز الرابع عشر الحميم الملقب لوقران ، ومعناه بلغتهم العظيم تولى يوم موت أبيه وهو عام ستين وألف وهو ابن خمسة أعوام ، وتوفي في أول ستنبر (كذا) سنة اثنين وثلاثين ومائة وألف (١٥٩) بعد ما ملك اثنين وسبعين من الأعوام. ومن خبره أنه كانت دولته وأيامه من أفخر الدول والأيام ، ووقعت فيها الوقائع العظام ، وصارت افرانسا زاهية ، وعلى غيرها من دول جنسها
__________________
(١٥٩) الموافق ١٦٥٠ ـ ١٧٢٠ م.