الشيخ محي الدين يقترح مبايعة
مصطفى بن إسماعيل أميرا
وفي هذه المرة قام الشيخ السيد محي الدين بين الناس خطيبا ، فشوّق للجنّة وحذّر من النّار وذكر فضائل الجهاد والشهداء ، وفضل الإمارة ورغب الناس فيها ترغيبا ، وقال لهم أيها الأمة ينبغي لكم أن تنتخبوا أحدا منكم توفرت فيه شروط الإمارة فتعقدون له البيعة على أنه أمير عليكم يقوم بأموركم في الجهاد وفصل الدعاوى بالتأويل ، وإنّي لا أرى تلك الشروط مجتمعة إلّا في ولدنا الشجاع آغة مصطفى بن إسماعيل ، فهلمّوا معي وامددوا أيديكم لعقد البيعة له من الآن ، وأكون له واحدا من جملة الأعوان ، فأبى ذلك مصطفى غاية ونفر ، وهرب منها هروبا خوف من سقر ، وقال له أيها الشيخ اتّق الله فإنها لا تصلح إلّا لك دون غيرك ، لشرف نسبك وعلوّ همتك عند الله وخلقه وقبول كلمتك وظهور سرّك وقوة علمك وكثرة خيرك ، فأباها أيضا الشيخ المذكور ، وقال إني كبرت ولا أطيق على النهوض في القول المشهور ، وإن كان غرضكم في ابني الحاج عبد القادر وقبلتموه فهو بين أيديكم ، وأنتم أعلم بأموركم وبما من النار يفيدكم. وانفصل المجلس في تلك المرة من غير اختيار ، وترك ذلك لوقت آخر بغاية الاختيار.
معركة خنق النطاح الثانية
ثم جمع الشيخ محي الدين جيش الحشم وبعثه لغزو وهران تحت رئاسة ابنه الأمير السيد الحاج عبد القادر ، ومعه في الرفقة أخوه السيد محمد سعيد وابنه السيد أحمد ذو العز الوافر ، وكان في انتظار ذلك الجيش الشيخ السيد عبد القادر بن زيان ، ومعه قبيل الغرابة واجتمع المخزن عليهم بوهران بحيث جدّ الجميع في السّير ليلا إلى أن أصبحوا بالمقابر بوهران ، فكمنوا إلى أن خرج النصارى بمالهم للرعاية غفلة فلم يشعروا إلا وجيش المسلمين أخذ المال بأجمعه فعند ذلك خرج جيش النصارى وحصل المصاف بجنان بني مزاب المفسر عنه بلغة النصارى بغابة عسة الأصنام ، واشتد القتال وعظم النّزال وقوي الحرب وكثر