وكانت من الدهاء والمكر والغدر في الغاية ، فأظهرت المصالحة مع المتبعين لدين المسيح بالنهاية ، وغرضها الفساد لهم والتقوية لشوكتها وتدريب أمورها بحوكتها ، وكثر القتال بين الروافض ومن هو للطاعة ودين المسيح رافض ، ثم قوت شوكته وقتل ما ظفر به من الروافض ، وابتلي بمرض ليس له فيه علاج ، ولازم الفراش إلى أن قضى نحبه بالمعلاج ، وظهر في أيامه أمران : مبدأ العام العجمي الأول من ينيّر (كذا) قصارى ، بعد ما كان ابتداء العام من عشية العيد الكبير عند النصارى (١٥٤) وأتى دارك بالبطاطة من المريكة (كذا) وشرعت الناس في فلاحتها بالشريكة (١٥٥).
الملك هنري الثالث
وثاني ستينهم أخوه أنري الثالث تولى يوم موت أخيه وهو عام إحدى وتسعين من العاشر (١٥٦) ، ومات قتيلا سنة ستة من الحادي عشر (كذا) ، بعد ما ملك خمسة عشر سنة ، ولم يترك نسلا مبينة / ومن خبره أنه كان مستقرا بأرض البولونيز فبلغه خبر موت أخيه وجاء بالعزم لباريز فألفى المملكة في غاية الفساد ، من الوقائع الدينية وظهور العناد ، فعقد الصلح على إظهار الروافض لدينهم ، لكونه كان قليل الحزم مختل المزاج والناس غير مشتغلة بما يعنيهم ، ونشأ الحرب مع النّفار وأظهر من شجاعته ما فيه المقدار ، وصار يتحيل على الانتقام من الأخوين الدوك والكردينال دوكيز إلى أن قتلهما غدرا بالتجويز ، ثم اصطلح مع ملك النفار وجهز جيوشا لمحاربة الباريز فقتله راهب قبل إتمام المراد ، وقتل القاتل فورا لتسكن الفتنة بين العباد ، وبموته انقرض الفرع الرابع بعد ما ملك أربعا وسبعين عاما. وانتقل الملك للفرع الخامس من الطبقة الثالثة احتكاما.
__________________
(١٥٤) يقصد جعل بداية السنة أول شهر يناير وكانت قبل ذلك تبدأ بعيد ميلاد المسيح وهو يوم ٢٥ ديسمبر.
(١٥٥) يقصد إحضار نبتة البطاطا من أمريكا.
(١٥٦) الموافق ١٥٨٣ م.