للأمير بقلّة الجيش ، شرع في جمع جيشه من الجهة الغربية لإمرار العيش ، وخرج الجنرال دارلانج إلى البريدية ليجول ويطلع على الأمور فلم ينتج له شيء من الأمور الجديدية ، فجهّر العساكر التي جمعها الجنرال بريق وذهب بها في سابع إبريل من سنة ست وثلاثين المارة لأخذ حب بني عامر الذي بتاسلة وتدويخهم ، وكان جملة جيشه ألفين وأربعمائة مقاتل بتصريخهم ، ومعه من الزاد مسيرة خمسة أيام أو ثلاثة عشر بالتحقيق ، وذلك للدوران وبعد الطريق ، وقد أخذت محلّته على السبخة وقدمها له رسوخ ، فسمع الأمير بذلك واجتمع بجيشه في سبعة شيوخ ، وفي الثاني نزلت أعلا (كذا) واد الحمير بملاتة لكل عابر ، فأقامت به أربعة أيام وفي الخامس رحلت لتاسالة لتدويخ بني عامر ، والمخزن أمامها وقد أفرج له بنو عامر للجواز ، وخشية من حصول الانتهاز ، وأخذت حبّ المطمر بكل مالها ورجعت على حمّام أبي حجر إلى أن دخلت لوهران من غير متعرّض لها.
معارك واد تافنة
ثم في الثالث عشر من الشهر المذكور بالسنة ، خرجت المحلّة من وهران والمخزن أمامها إلى أن نزلت بوادي سنّان ولم تخش السّنة فكانت بالرابع عشر منه بالقطّارة ، وفي الخامس عشر منه للواد الغازر كثير العطّارة ، وبه تلاقت مع العدو خارجا من الجهة الغربية من سبعة شيوخ (٢١٦) فتقاتل معه من الصبح إلى الظهر بالقتال المزيل لليفوخ ، ومات من المخزن أكثر من ثلاثين نفرا ، ونزل الجنرال بمحلّته عشية الواقعة بمشرع مسعودة جهرا ، ومات من المحلّة خمسة عشر نسمة ، وانجرح سبعون نسمة ، وذلك في أقل من رمشة العين ، ونادى المنادي بالفراق والبين ، ثم من الغد نزلت المحلّة بشاطىء البحر يمين تافنة من غير قتال / ولا زال الأمير بسبعة شيوخ بجيشه رائما لعز وإقبال ، وكتب لطاعته بالجهة الغربية والصحراء على القدوم لديه قائلا لهم أني حصرت العدو بشاطىء البحر فلم يطق تقدما ولا تأخرا ولا ريب أتاهم منا القهرا ، فأتته النجوع بقوتها من كل
__________________
(٢١٦) سبعة شيوخ اسم قرية بالجهة.