قدّور يا هؤلاء إن كلام العرب المقول في الأعراش هو الفرق بين أهل الجودة والرداءة والشجاعة والجبانة والنصيحة والأغشاش ، فقالوا ما هذا الكلام ، كأنهم لا علم لهم به في كل محفل ومقام ، فقال : قد قالت العرب في الدوائر ، من كان له في الإعانة الدوائر ، فلا يخشى من صولة الماشي ولا الطّاير ، ولا يطيق عليه الساير ولا الغاير ، وقالت في الزمالة من كانت أعانته الزمالة ، حصل منه لأعدائه النكالة ، ولا يخاف من القاطن ولا الجوالة. وقالت في الغرابة من كان صديقه الغرابة ، زالت عنه النكاية والكرابة ، ووقعت منه لأعدائه الأمور العطابة. وقالت في البرجية من كانت حمايته البرجية ، حلّت به الأشياء المنجية ، ولا يخشى الأضرار القولية والفعلية. وقالت في مجاهر من كان عونه مجاهر ، نال الذي يبتغي من المسافر والحاضر ، وأطرد عن نفسه المذمة في المناقر / فهم أهل النجدة والنعرة وما به اتضاح الأمر ، فكل من جاء منهم فإنه على فرسه يهر. وقالت في المكاحلية من كان في رفقته نجع المكاحلية ، فإنه لا يرى الأضرار المواحلية ، وساكنهم في الأمان بغاية الفلاحية. وقالت في صبيح من كانت نعرته بعرش صبيح ، نال السرور والرفعة وقهر عدوّه ببارود الفيح. وقالت في عكرمة من كان في حلافة عكرمة ، أطرد عن نفسه كل مذلة ومذمّة. وقالت في بني شقران من كان في ذمة بني شقران ، فقد نال كل ما كان لأنهم قبيل العز والأمان ، والمنتصر بهم لا يخشى الهوان.
أوصاف قبائل الحشم والأحرار وبني عامر
وقالت في الحشم : الحشم أهل الظلم والمكر والشتم ، فالحشمي ينكرك ، وعوده يعرفك وهو لا يعرفك ، إن أمّنته خدعك ، وإن آويته صدعك ، لسانه في الشر موافق لقلبه ، وهو يعبد في الطاعة من ربه ، ويؤذي من ظفر به ولو ولد صلبه ، شأنهم البخل والجبانة ، والمكر والظلم والخيانة ، وقال فيهم سيدي أبو زيد التجيني صاحب الفج بمينا الكلخ والحشم ، والحمري والدسم ، والبخل والذم ، والله لا رجع أبو زيد أبدا إلي ، ثمّ ، وقال أيضا حشم الدشيش ، أهل البغض والعشيش ، والخداع لأهل الصلاح والريش ، لا يصدر منهم إلا الدفيش ، ومحبتهم للطمع كمحبة دوابهم للحشيش. وقالت في الأحرار ، الأحرار هم