قبائل المخزن تسعى للخضوع
لسلطان المغرب الأقصى
ولمّا انفصل المخزن من المقاتلة مع الأمير بالحناية ، ذهبوا مغربين وأرسلوا رسلهم لمولاي عبد الرحمان سلطان المغرب فأمرهم بالمكث ببلادهم وهو يمدهم بما تكون لهم به العناية ، ففهم مصطفى بأن تلك مكيدة من سلطان المغرب ليكون ناجيا من الكلام ، وأنه يروم الصلح بين الفريقين بما يزيل للخصام ، فبقي في الحدود نازلا ، وللكواعب حائزا وبازلا.
ثم خرج الأمير حاركا بجيشه على وهران ، ووقع بينه وبين الدولة شديد القتال بتمزوغة يشيب له الرضيع في وقت الآمان ، ثم اصطلح مع الدولة على مدة على يد جنرال وهران ، وهو دسمشال (١٩٥) على أن لا يتعرض واحد منهما للآخر بشيء من الحرب ، وتمد الدولة الأمير بما يحتاج إليه من آلة الحرب ، وهو يمدها بما يحتاج إليه الجيش / ، ولا يكون بينهما لغوب ولا طيش ، وبعث الأمير من عنده رهينا سفيرا يقال له بن يخ (كذا) يمكث مدة الصلح بوهران ، وبعثت الدولة رهينا سفيرا من الممالك القدم يقال له دسبون (١٩٦) وتسميه العرب عبد الله اكمادار (كذا) يمكث بالمعسكر مدة الصلح بلا توان ، وذلك سادس عشرين فبري (كذا) سنة أربع وثلاثين وثمانمائة وألف ، الموافق لخامس عشرين شوال وقيل رابع عشر ذي القعدة سنة تسع وخمسين ومائتين وألف (١٩٧) ولمّا تم الصلح قال الجنرال لرسول الأمير سلم على سيدك من عندي وقل له ينظم جيشه من العسكر والخيالة ولا يتكل على المطاوعة فإنهم بمثابة النخالة ، لأنه لا طاقة له على مقاومة المخزن إلّا بهذا المطلوب ، وإلّا فليترك محاربته من المخزن لأن شكوته صعيبة لقيامهم على البارود ، ومعرفتهم بمكائد الحروب ، فلذلك شرع الأمير في تنظيم الجيش من العسكر والخيالة ، وعمل بأمر الجنرال دسمشال بغير
__________________
(١٩٥) يقصد المعاهدة المبرمة بين الطرفين أواخر فيفري ١٨٣٤ م.
(١٩٦) ذكر صاحب التحفة بأن اسمه عبد الله ويسون. وأصله من مماليك مصر استخدمته فرنسا في جيش المشاة. ج ١. ص ١٤٧.
(١٩٧) الموافق سنة ١٢٤٩ ه ، وليس ١٢٥٩ ، فهو سبق قلم.