في الذراع ، وأصيب في ثيابه بما يزيد على السبع رصاصات ، وأنجاه الله في ذلك اليوم من الممات ، كما انجرح الحاج المزاري محمد ولد قادي ، وكذلك انجرح إسماعيل ولد قادي ، وغيرهم من الأعيان ، ومات نحو الثلاثين نفرا منهم بالعيان ، ومات من جيش الأمير العدد الكثير ، وانجرح ما لا يضبطه العدّ بالتحرير ، وكان يركب من الدوائر ستة عشر مائة ، ويركب من الزمالة ثمانمائة.
ويحكى أن الحاج المزاري لمّا تألم وهو محمول بالجراح ، نزل بقرب المعركة طالبا للاستراح ، فقيل له اركب وبعّد (كذا) من العدوّ فإنك منه لقريب ، فقال إن كان عمي مصطفى حيا فلا أخشى لا من العدو البعيد ولا القريب ، وكلامه يدل على أن عمه بلغ النهاية في الشجاعة والبسالة والبراعة.
الأمير يطلب الصلح مع الدواير والزمالة
ولما رأى الأمير هذه الواقعة بالمهراز ، وأنه مع كثرة جيشه لم يجد لهم سبيلا للانتهاز ، آل إلى الصلح وبعث رسولين أصلهما من الدوائر ، لأعيان المخزن يرغبهم في الصلح المأمور به شرعا والكف عن القتال المحرّم شرعا المفضي بالفناء للرجال من الفريقين بسجال القتال وإدارة الدوائر ، قائلا لهم نحن إخوة في الإسلام بغير المين ، والسلم بيننا أولى من إهراق دماء المسلمين من الجانبين ، لأنه وصف ذميم لا يحبه الله ولا رسوله ، فمني الايجاب ومنكم قبوله ، فامتثل لهذا الكلام مصطفى بن إسماعيل والحاج بالحضري والحاج المزاري ومحمد ولد قادي وغيرهم من الأعيان ، وبعثوا محمدا ولد قادي في رفقة من الأخوان ، وبعث الأمير خليفته سي محمد البوحميدي خليفة تلمسان ، في رفقة التقى الفريقان ملاقة مشروحة وهما في ميدان الحرب والأموات بينهما مطروحة ، فتكلم كل بما يقتضيه الحال من غير المغاير ، فكان من كلام محمد ولد قادي أيها السيد إننا قبلنا ما أراده الأمير فأنت الضامن عليه فيه كما أنا الضامن في ذلك على الدواير غير أنه لا يخفاكم حال مصطفى بن إسماعيل وابن أخيه الحاج المازري وسائر الأعيان ، وحماستهم وما هم فيه من القوة والعناية والمداومة على الفتن لمن أرادها والفرح بمن أراد الإحسان ، وأنه يقول لنا ولكم إذا تراضيتم بالسّلم وعليه وقع الاتفاق ، فليخرج الأمير بجيشه من ميدان الحرب