الملك تياري الثاني
وحادي عشرينهم تياري الثاني تولى يوم موت شلبيريك وهو ابن خمسة أعوام ، فدبر أحواله وأدار ملكه شارل مرتيل بأقوام وعظمت شوكة شارل في الوزارة ، وعلا صيته في السرّ والجهارة وشرع في تمهيد من خرج عن الطاعة ، ولم يرد الدخول في الصناعة فطرّد السكسون من النواحي الجوفية ، والمسلمين الذين بالأندلس من النواحي القبلية ، لكون الإسلام دخل بر الأندلس سنة اثنين وتسعين من الهجرة (٢٢) في القولة الصحيحة المعتبرة. ثم استولى شارل على أملاك القسيسين ووزّعها على عساكره ، فقوت همّته وعظمت دولته وأطاعته الناس في نواهيه وأوامره ، ثم حارب السكسون وما انضم إليهم من الألمان واليافورة والفريسون وغيرهم إلى أن هزمهم ولم يستخدمهم لكثرة الغيظ وتوعر بلاد السكسون ، وزادت قوته في الارتفاع للسماء ، وانتشر صيته وأمره سما ، خصوصا وقت محاربة المسلمين لما يكابده من الأمور الشاقة / فيظهر قوته بين النصارى والمسلمين لكون المسلمين غزوا سنة مائة وخمس وثلاثين (٢٣) مملكة الفرانسيس فاستولوا منها على الّلنكدوك ونريون (٢٤) وصار لهم فيها التجسيس ثم قدموا سنة سبع وثلاثين من المذكور (٢٥) إلى الأكيتين وحاصروا مدينة تولوز واسم أميرها أودّو فبرز للقتال فهزم بعد الحرب الشديد المبروز ، ولما خرج عن طاعتهم اللنكدوك ، قطعوا البريني ورجعوا لبر الاسبانيين بالشّدوك ، وبقوا هناك إلى سنة اثنين وأربعين والمائة (٢٦) رجعوا واستولوا على ما كان بأيديهم من التراب وأزالوا منه الشرك والارتياب ، وهجموا على الناحية القبلية كثيرة المدن والقرى والحصن والاخصاص والدوفانص ، التي يقال لها البروفانص (٢٧) ونشب أميرها أودو المذكور الحرب فهزمهم ، ودخلوا بر السبنيول بما جزمهم. ثم قدم عبد الرحمان
__________________
(٢٢) الموافق ٧١١ م.
(٢٣) الموافق ٧٥٢ ـ ٧٥٣ م.
(٢٤) لعلها ناربون.
(٢٥) الموافق ٧٥٤ ـ ٧٥٥ م.
(٢٦) الموافق ٧٥٩ ـ ٧٦٠ م.
(٢٧) يقصد البروفانس.