صدقه ، وخلاص نيته وقلبه فيه بحدقه ، ثم أرسله فورا لبيته بالمعسكر وبقي الأمير بمكانه في المقر وبعد رجوعه للمعسكر صار يتعاهده (كذا) بالوقوف عليه ، مرتين في اليوم ماشيا على رجليه ، بهذا حدثني الفقيه السيد الحاج محمد بن الشريف ناظم جوهرة الرضا ، وكان حاضرا للواقعة وساكنا بالمعسكر أيضا.
قال ، ويحكى أن الأمير كان يبعث للمزاري وقدور بالمخفي حال القتال لما رأى ما وقع منهما من شدة النّزال ، أن يتركا الحرب ويقدما إليه فيقول الذاهب لهما من الحشم أن الأمير يقول لكما تقدما للعدو وعليكما بالإقبال عليه ، فليست هذه عادتكما في الحروب ، وإنما عادتكما الاقتحام على العدوّ إلى أن يصير في الهروب ، ومراد الحشم بذلك الراحة منهما بالقتل ، والتهنئة من رفعتهما وصولهما بالختل إلى أن سمع الشجاع النصوح خليفة ولد محمود ، مقالة الأمير ومقالة الرّسل من الحشم لهاذين الشجاعين الفارسين حال الوفود ، فتعجّب كثيرا وأخبر الأمير بكل ما رأى وسمع ، وقال لا ريب أنّ ما وقع من الحشم لهاذين البطلين فلنا معهم تحقيقا سيقع ، فعند ذلك جزم الأمير بإخراجهما من المعركة ، وقال قبّح الله من لا يستحيي ويريد أن يلقى أخاه في المشركة ، وما فعله هذان الشجعان (كذا) في ذلك الوقت من اقتحام الصفوف ، لا يحصى ولا يقع إلّا من أجاويد العرب الذين يرون الموت على الفراش إنما هو من حتف الأنوف ، وما ذاك إلا من شدة الخدمة وقوة النصيحة ، والإذعان التام لمن هما في خدمته والتجنّب عن الفضيحة ، وشأن أجاويد العرب وشجعانها الإذعان ، وبذل الجهد والنصيحة في الخدمة لكل دولة كانوا في حكمها وتحت أمرها ونهيها في السر والإعلان.
ضحايا معركة المقيتلة في غابة الزبوج
وقد مات من جيش الدولة خمسة وعشرون نفرا ومائة وثمانون مجروحة ، ومن جيش الأمير ما لا يحصى قولة مشروحة ، ومن جملة أموات الدولة بمولاي إسماعيل ، رايس الرجيمة الثانية من سرسور لفريق أدينوا الكرنيل (٢٠٥).
__________________
(٢٠٥) يقصد : الكولونيل أدوينو : Le Colonel Oudinot