ولا تأمن في أحد ، وحين سمع الأمير ذلك لم يرد النزول به في المشتهر ، ولما سمع الجنرال أتى بنفسه ليتحقق بالخبر ، ولما أراد الانصراف أتى المولود بن عراش بينهما ومكن للأمير بطاقة وهو مكنها من الجنرال ، وأمره أن لا يطلع ما فيها إلا إذا وصل لمحله وكان فارغا من الأشغال ، وكان الأمير شرط في تلك البطاقة على الجنرال أن ينفي اثنا عشر رجلا من المخزن ويبعدهم عن الوطن ، منهم رايسهم (كذا) بالجهة الغربية مصطفى ابن سماعيل ورايسهم (كذا) بالجهة الشرقية المزاري بغير الوهن ، واسماعيل ولد قادي ، ومحمد ولد قدور البحثاوي ، وعدة ولد عثمان ، والحاج الوزاع بن عبد الهادي ، وغيرهم ليحصل للجميع الراحة مع الأمن ، وينفي من مستغانيم إبراهيم أبا شناق ، ليكون الارتباط بينه وبين الدولة بغاية ارتفاق ، ولما أطلع الجنرال على ما في البطاقة ترك الجواب عنها وصير نفسه كأنه غفل عن حلها.
ثم بعد أيام جاء الأمر لمصطفى بأنه تسمى جنرالا ومعناه رايس (كذا) الجيوش المخزنية وكبير قسمة وهران بكلها ، ولما سمع الأمير بارتقائه لذلك المنصب ومكافأت الدولة للمخزن بإعطاء الجوامك أيس من ذلك وأمره تلف ، ولم تنقطع تلك المكافآت على خيالة المخزن إلا في المعركة الواقعة في عام خمس وأربعين وثمانمئة وألف ، وكان انبرام الصلح بالنسبة للشهور المسيحية في ثلاثين ماي المتقدم الذكر ، وفي رابع جوان من تلك السنة في القول الشهير خرج الجنرال بجيشه من تلمسان وتافنة ودخل وهران في تاسعه ودخلت تلمسان في طاعة الأمير.
الأمير ينظم دولته بعد صلح تافنة
قال مرطبلي في تاريخه وفاز الجنرال بيجو بافتخاره وهمته على سائر الأقران ، كما فاز الأمير بدين الإسلام وناربه المكان ، قال واشتد الأمير في شراء السلاح والخيل وكل ما يفتقر إليه من الآلة ، وكتب كثيرا من العسكر والخيالة ، وضبط أمره بحسب استطاعته ، فهو شجاع لكن (كذا) الخديعة في جماعته ، مع شدة رأيه العسير ، وعدم إنصاته لأهل الرأي والتدبير ، بل كان رأيه في يد بني عامر والحشم ، فهو مصغ لهم إلى أن أورثه ذلك للتلاشي والفصام ، ولو مشى