المباحة الأكل التي تفتقر إليه موصلة إلى محل الاحتياج بغاية التبريح ، وكانت هذه الشروط قد عزم عليها الجنرال أبروسار حال قدومه ، فذهب قبل إتمامها وصار في عدومه.
ثم اجتمع الجنرال بالأمير بفج العطش في أول جوان ، وكان الأمير معه كبراء عسكره وخلفائه الاثناعشر وجيوشه الخمسة عشر ألف بالبيان ، وهو راكب على فرسه الأدهم لابسا برنوسا أبيض جاعلا قلمونته على رأسه وعليها خيط من الوبر ، وكان فارسا شجاعا بطلا مطاعا وله أربعة عبيد تابعة له بالأثر ، فجلسا معا على الأرض وحذاءهما الترجمان أراهمشة في المضمون واليهودي مخلوف خلفون ، فذكر الجنرال ما أراده وبه فاه ، وأجابه الأمير بقوله إن شاء الله. فوقف الجنرال وقال له قد سؤت الأدب (كذا) لما لم تجاوبني وأنا وكيل الدولة ، وجذبه من يده وأوقفه بسرعة للجولة ، فاستغاظ الأمير وركب فرسه ودخل جيشه وذهب إلى سبيله ، وترك الجنرال واقفا بسبيله ففطن الجنرال لفعله وذهب لمحله بتافنة باعتبار البيان ، وفي رابع جوان المذكور رجع الجنرال بجيشه لوهران وكان هذا الصلح في ثالث عشر صفر من السنة العربية المذكورة ، ويعرف بصلح سكاك وبتافنة المشهورة ، وقد كان مصطفى بن إسماعيل لا خبرة له بهذا الصلح ولم تشاوره عليه الدولة إلا بعد إبرامه فقال لهم أنتم أعلم بما ينفعكم ويليق بكم غير أن الذي يظهر لي أنكم غلطتم كثيرا وستندموا على رأيكم والصدوق يظهر صدقه من كلامه.
ثم بعد انبرام الصلح بتافنة بعث الجنرال بيج للجنرال دمريم بوهران ، وقال له لا تبعث للمعسكر اليهودي بن دران ، لأنه في فعله يخلط ويزيد الهوان ، ولما وصلت المكاتب للجنرال الكبير بوهران ، ألفى اليهودي بن دران قد ذهب للمعسكر ، وبفور وصوله للمعسكر ، كتب للمولود بن عراش والأمير أن ينكر الصلح الذي فعله خليفته / بمن معه في المستبن لأنهم تركوا من الشروط ما شرطه الأمير على الدولة من أمر المخزن ، وكان الجنرال قال مرة أخرى للأمير انزل بمحلتك في مقطع أم الربيع نيشان العنصر بالتحرير ، لأني نازل بفم تافنة فقبل منه ذلك الأمير ولما سمع اليهودي بن دران بذلك بعث مكتوبا للمولود بن عراش يقول له فيه بالقوة والجهد ، احذر نفسك من النزول في الموضع المعين