الأمير علي يقود زعماء المخزن إلى فاس
ثم إن مصطفى ابن إسماعيل لما خرج بمخزنه من وهران ، قصد بأعيانه في ذهابه لناحية مولاي علي بتلمسان ، ولما مثّلوا بين يديه بشّ في وجوههم بغاية البشاشة ، وأدناهم منه دنوا تظهر به مودة البشاشة. وكان الحجوطي قد جمع ما بخزنة المعسكر من المال وأتى به لمولاي علي بتلمسان كما جمع مولاي علي أيضا ما بخزنة تلمسان ، ومن الغد ارتحل مغربا لناحية فاس ، حاملا لمصطفى بن إسماعيل وما (كذا) معه من الأعيان بحايثية وغيرهم دوائر وزمالة مغولين على البغال إلى مدينة فاس ، وهو بأحد لا يبال ، ولا عبرة له إلّا بما جمعه من المال. فتبّا له من العامل الشرير ، الذي فعل بالأعيان ما فعل من غير ذنب صغير فعلوه فضلا عن الذنب الكبير. ولما وصل لفاس ومثل أعيان المخزن بين يدي السلطان مولاي عبد الرحمان. نظر لهم بالنظرة الدالة على الخير والإحسان ، فألفاهم في الحالة الدالة على الذل والهوان سأل عنهم وعن إتيانهم وما دليل ذلك بالعبارة أو الإشارة ، فلم يجد شيئا فانتقم منه وعزله من حينه من تلك الإمارة ، وقال له يا خسيس العقل من سياسة الملوك إن الأعيان الذين يكون بهم الحل والربط والتشهير ، لا تكون المؤاخذة لهم إلّا بتكرر الذنب الكبير ، وهؤلاء لا ذنب لهم أصلا ، فكيف تؤاخذهم بكلام الوشاة وتأتيهم إلى هنا على هذه الحالة فلا قوة إلا بالله ولا حولا.
وأما آغة الحاج المزاري / فإنه لم يأخذه معهم بل تركه على الخدمة وأوصاه بالجهد فيها ولم يفعل به شيئا من الأشياء التي تكون له الملامة عليها ، بل أبقاه في محله على الخدمة التي كان عليها. غير أنه كان في الحيرة والجزع ، من جانب عميه وقرابته وأعيان محله الذين ذهبوا للمغرب على تلك الحالة من غير سبب وزاد في القلق والفزع ، إلى أن قدموا عليه بغاية العز والتوفير والتمكين ، وحصل بذهابهم للمغرب الارتباط الشديد بين المخزن والعلاويين ، فلقد أحيا (كذا) الفريقان ما درس من الارتباط الواقع بينهما من الأسلاف ، حال قدوم مولاي إسماعيل بن علي لوهران والمغرب الأوسط من غير الخلاف والاختلاف ، وأعطاهم هدايا جليلة وخلع عليهم سيما مصطفى خلعا جميلة ، وبعث معهم خليفة آخر يقال له السيد أحمد بن العامري بالبيان ، ومعه مائة