الحزن بوفاة والدي في منتصف ليلة السبت وأنه أوصاني وقت وفاته أن أكون متصرفا على عائلته ورضي بي جميع العائلة فاقبل مني أيها الحضرة السنية مزيد السلام لجنابكم وتأكيد محبتي للدولة الفرانسوية ، ففي سنة ١٨٨٠ كان المظنون أنه قد قضى نحبة لورود رسالة أشاعت وفاته ونقلتها الأوراق الخبرية ورثوه بما علموا من سيرته فذكروا بطوليته (كذا) وحسن أخلاقه إلى غير ذلك فعربت تلك النبذات وأطلع عليها المذكور في حياته بعد أن شفاه الله مما كان اعتراه فاضطرب قلبه عند قراءتها اضطرابا عظيما وتفكر هنيئة ثم قال : الحمد لله الذي أجرى الوهم في افرانسا بوفاتي حتى تحققت بذلك أنه لا ينقطع احترامي لديها بعدي وهذا المؤمل من البخت ومقالته هذه لا ريب فيها لأنه بعد أن قاومنا مدة خمسة عشر سنة ودارت عليه الدائرة سلم للقضاء والقدر وأحب الأمة التي قهرته وتمتت (كذا) اعتزازها بتعظيم من ألزمته بالطاعة والإذعان وصار يستحيل التغلب عليها حتى أنه في سنة ١٨٧٠ لما تحتم انكسارنا لم يصدق بالواقع وعندما تحقق لديه ما لحقنا من الانهزام اعتراه حزن شديد ورأى ذلك مما يستهون به فشله وفي ذلك الأيام (كذا) قدم إلى دمشق عدة من المسافرين الأجنبيين فزاروه وظهر لهم أنه يشفي غليله بذكرهم له ما حاق بافرانسا فاعتذر إليهم بمفارقته إياهم برهة ثم عاد إليهم وهو متقلد بنيشان الحرمة فأعلمهم بذلك سماحة كلامهم ومن ذلك اليوم صار يتجنب من الزائرين ولا يقبل إلّا من قدمه القنصل بل رغب منه أن يخفف عنه مشقة الزائرين ولازم المكث بداره الموجودة في حومة كان تملك لديارها شيئا فشيئا وكل من تلك الديار مختصة لشأن من الشئون (كذا) فبعضها لجميع حريمه ونحو عشرة منها لولديه الذين (كذا) هما من زوجته التي أخذها بالمعسكر في صغره منذ سنة ١٨٣٠ وأعظم الديار التي في الوسط صيرها مسجدا للعبادة وديارا صغيرة جعلها سكنى لأهل الجزائر الذين رحلوا معه وهم ما بين ٣٠٠ إلى ٤٠٠ نفر فكان الحاج عبد القادر في وسطهم شيخا مالكا بل أبا وسلطانا وكان يلقبه بالسلطنة كل من قصده وقبل يده وبايعه ولم يزل وجهه إلى آخر ساعة من حياته في سماحة وبشاشة ومن طبعه أنه دائما يكتحل بالإثمد كعادة العرب ويخضب لحيته وأنه قصير القامة نحيل الجسم منطلق في حركته كالسهم وذلك مما يذكر كل من رآه في فروسيته وحزمه وضربه بالحسام /. ومن ثيابه أنه يلبس