السجال. وحمي الوطيس ، وغاب الأنس عن الأنيس وبقي الحرب بينهما من أول النهار إلى أن قرب اليل (كذا). وفشت الجراحات في جيش الأمير وكثر القتل في جيش المغاربة مع الويل. ودخل الأمير للحرب بنفسه وهو في غيظه وعبوسه ، بمكحلته وسيفه وكبوسه ، وانحرقت ثيابه بالبارود ، وانجرح من ساقه ومات تحته ثلاثة من الخيل في المعدود ، وخلصه أصحابه من يد العدو ، وهو كالأسد الغضبان ، وتغير وادي ملوية من دم الفريقين ، فرجع مختلف الألوان وكان ذلك عند الموضع الذي مات فيه كبراء الدولة. وضعف حاله ونقص جيشه من الصولة. وهرب كثير أصحابه إلى وادي كيس ، ودخل كثير دائرته إلى وطن الدولة للراحة من الطيش. وقد مات من المغاربة نحو الألف وستمائة في صحيح الرواية. ولما رأى الأمير قلة جيشه صعد ليلا لبني يزناسن. ومن الغد أخذ عياله وصار بمن معه في التردد هل يرجعون لناحية الدولة أو يذهبون على وجدة لناحية توات في غاية الدراية. وقد سدت الدولة عليه طرق المجاز وهو لا علم له بذلك. ثم أسرع السير بقصد أن يأخذ أسفل الجبل ، ويصعد على وجدة ، ويذهب لصحراء المغرب إلى أن يصل إلى توات ، ويستريح من جميع المهالك.
فبينما هو سائر إذا به وجد نفسه قد دخل بعسة الدولة. وكان في تلك العسة رجلان أحدهما يقال له محمد بن خوية الزمالي ، والآخر يقال له أحمد بن حطّاب الدايري ، وهما من أهل السياسة في الفعلة والقولة فاجتمعا به وعرفاه بأنفسهما (كذا) وقالا له أيها الأمير أين تريد الذهاب ، فأخبرهما بالواقع فقالا له نحن لا طاقة لنا على إهلاكك ولا تسريحك للجواز بغير ارتياب. ولكن الرأي عندنا الذي لا ندلّاك (كذا) عليه هو أن تسلم نفسك للدولة وتكتب لهم بأنك رجعت لهم برضائك ونحن نضمن لك إن شاء الله تعالى أنه لا يقع لك شيء وتريح نفسك من هذا التعب. ونحن من تلامذتك فخذ رأينا لأنه لك مصلحة وتصير من أهل الراحة لا من أهل الوصف.