ووضعهما على أظهر الجملين وأحسن ربطهما في البداية والنهاية ، وأمر أصحابه أن يعبروا بهما وادي ملوية ليلا ويضرمون الناس في حملي الجملين بوسط محال المغاربة ليلا ، ثم يرتكبون ظهور المغاربة بالقتل حال الفرار. وكان ابن سلطان المغرب سمع بذلك فصار مرتقبا للأخبار. ففعل جيشه ذلك غير أنهم أتوا بالجملين من الجهة الغربية لنيل المراد ، ولو فعلوا ذلك من الجهة الشرقية لنالوا المراد لكون المغاربة لما فروا للمغرب وجدوا الخيالة أمامهم ، فرجعوا لناحية البحر فنجوا وبلغوا ذمامهم ، ولو كان فرارهم لناحية المغرب لم تقم لهم قائمة. ووقع الرغاء بالجملين والصدود من مكان إلى مكان وأحوالهما سائمة. وصار جيش الأمير يقتل في المغاربة شديدا إلى أن أصبح الله بخير الصباح. ونادى المؤذن بحيّى على الفلاح. وغنموا من فسطاط ابن السلطان نحو المدفعين. ولما علا النهار اجتمعت الأمحال من الفريقين ، وكثر القتل من جيش الأمير في المغاربة وهم ابن سلطانهم بالفرار فثبته ولد البشير بن المسعود كبير بني يزناسن وقال لا بد من المحاربة. وكان للأمير في حال القتال زهير كزهير الأسد : وهو من شدة الشجاعة لا يخشى في الحرب من أحد. وقد ضاع له النصف من الجيش. وصار في حالة الغضب والطيش. ثم تقدم مولاي محمد بجيشه لناحية الأمير. فازداد الأمير في الغضب والزهير. ولمّا رأى الحشم وبنوا عامر ذلك فروا وجاءو (كذا) بأموالهم ودوابهم لناحية الدولة وخدعوا. وتلك عادتهم من أسلافهم فقبحهم الله على فعلهم وبئس ما صنعوا.
ثم بعث الأمير خليفته الحاج مصطفى للحشم وبني عامر ليردهم إلى الجهاد في سبيل الله. ولما وصلهم أمرهم بالرجوع فأبوا فشدد عليهم فضحكوا منه ثم سألهم برفق فأبوا فتركهم ورجع / له ولم يرجع منهم عنده إلّا من لحقه الحياء أو دخله خوف الله. ولمّا لم يبق الأمير إلا في قليل الجيش تأخر عن الوادي وصار ابن السلطان يعبر فيه بجيوشه فأكمن له الأمير شرذمة من جيشه ما بين العسكر والخيالة. فشعلت نار الحرب وتقدم الأمير للحرب ببقية جيشه وهو في غاية العيالة. فالتقت الأبطال بالأبطال ، والفرسان بالفرسان والرجال بالرجال. وطلع لجو السماء الغبار ، وعظمت المصيبة وكبر النهار ، واشتد القتال ، وكثر الطعن والضرب والنزال. وصارت الحرب بين الفريقين تارة في الغلب وتارة في