والحاج الجيلالي بن هاوية صاحب الأمير والحاج البخاري أبي زيد قائد المعسكر وغيرهم من أهل صحبته ، وكان هذا اليهودي انتقم الله منه سمسارا عظيما ، وجعل بين الدولة والمخزن وبين الأمير خلاطا جسيما ، من جملته أنه أتى ذات يوم إلى مصطفى والمزاري ، وصار يعطيهما في الرأي الذي نظرهما فيه أحسن ويقول لهما لو ذهبتما لبيت الله الحرام لأداء الفريضة لكان لكما أحسن من كل شيء بغير التماري ، فأجابه مصطفى بقوله أيها اليهودي قد على شأنك إلى أن صرت مدبرا لنا (كذا) اذهب في حالك عنا فإن الدولة إذا أرادت نقلنا لمحل آخر فلها ذلك ، وإني بحمد الله لمتهيء لذلك ، وأما الحج فهو من ديننا إذا يسره الله علينا / فلا أشاور فيه أحدا سوى رأسي ولا مدخل لأحد في ما هو اختياري ، ووافقه على ذلك ابن أخيه المزاري ولما لم يجد حيلة لتفريقة (كذا) بين مصطفى والمزاري والمخزن في جميع ما قد انتخب ، ذهب للحاج الوزاع بن عبد الهادي الزمالي وقال له أني وجدت لك منصبا في عمالة الجزائر إذا أردته وتستريح من مصطفى فخذه فأجابه لذلك وذهب ، وأما الباي إبراهيم أبو شناق ذو الرأي الجاير ، فإنه لما رأى ذلك سلم في الوظيف ودخل للجزائر ، ولما رأى الأمير جيشه قد زاد في القوة والكثرة واستراح ، وقع منه الاعوجاج على ما كان عليه لكونه كان لا يأخذ المكس المعبر عنه بالقمرث من الذاهبين لوهران بالمبيع والآتيين (كذا) منها به حال الصلح بانشراح ، وكل ذلك بسبب بن دران ، ليحصل له الربح بكل ما كان.
ولما رأى الجنرال بيجو كثرة الخلاط الذي سببه الجنرال بروسار رفع أمره لشريعتهم بافرانسا بالتحقيق وكان بروسار ذهب لاسبانيا ومنها رجع لافرانسا فأدخل في السجن لغاية التحقيق ، وحين سمع اليهودي بن دران بأن صاحبه في الشرع خشي أن يقر بفعله الأمير ، ويكون فيه من أهل الصدق الكثير آجر فورا رجلا من الزمالة بمائة دور وأمره أن يذهب عجلا ، للمعسكر ببطاقتين أحدهما للأمير والأخرى لبني عراش فأخذهما وذهب ليلا ، ولما سمع اليهودي عقّ أمسلم المطلع على أسرار الأمير بفعل بن دران ، وكان بينهما التنافس أخبر الدولة بالبطاقتين وما فيها قد كان.