وصيّر رعيته من دويه ، وفي التي بعدها حرك للبروتون لما امتنعوا من أداء الضريبة ، وطال الحرب بينه وبينهم إلى أن أطاعوه وصاروا له من جملة الرعية ، وخرج في سنة خمس من القرن الثالث (٤٤) في ثلاث محال للبافورة والهنش فأطاعه أمير البافورة ومكنه للتوثق من أولاده ، وأنشأ الحرب مع الهنش إلى أن هزمهم ونال / لمراده ، وحصل القتال بينه وبين المسلمين مدة ثمان سنين ، وقد جال المسلمون في اللنكدوك ورحلوا منه مختارين ، سنة مائتين وعشرة شهيرة (٤٥) وبأيديهم أسارى كثيرة فقام الأكيتون على المسلمين بعد ذلك وحاصروا نربون إلى أن استولوا عليها ، وانجلا (كذا) المسلمون منها ولم يرجعوا إليها ، ثم حصل الصلح بين المسلمين والفرانسيس وتصرّف كل فيما بيده من الأراضي بالتمدّن والتأسيس ، وقد غزى شارلمانيو ثلاثا وخمسين غزوة ، وكلها مشهورة عندهم ومعزوة ، وحصلت المراسلات والهدايا بينه وبين الخليفة العباسي ببغداد هارون الرشيد ، فأتحفه الرشيد بهدية فيها المقانة لمعرفة الأوقات وكانت إذ ذاك بافرانسا مجهولة التقييد ، وهذا القول يخالفه ما في الخبر المعرب بغير حميّة ، من أنّ أول من اخترع المقانة ليعرف بها الأوقات أبو القاسم عباس بن قرناس (٤٦) البربري الفلسوفي المنجم حكيم الأندلس مولى بني أميّة ، وتوفي كما في الدياربكري ، سنة أربع وسبعين ومائتين في القول المحرى (٤٧). ومات شارلومانيو في الرابع والعشرين من ينيّر (كذا) سنة إحدى وثلاثين ومائتين (٤٨) بعد ما ملك ستا وأربعين عاما ، ولا تجد لغير الله تعالى (كذا) بقاء ولا دواما.
__________________
(٤٤) الموافق ٨٢٠ ـ ٨٢١ م.
(٤٥) الموافق ٨٢٥ ـ ٨٢٦ م.
(٤٦) لعله فرناس بالفاء.
(٤٧) الموافق ٨٨٧ ـ ٨٨٨ م.
(٤٨) الموافق ٨٤٥ ـ ٨٤٦ ، وقد أرخ بالشهر الفرنجي يناير للسنة الهجرية ويوافق ذلك شهر ربيع الثاني.