والوجه الثاني : أنّ مع قطع النظر عن الشرائط أيضا ، قد يحصل الإشكال بالنّظر الى ملاحظة الأجزاء ، فإنّ النقص في أجزاء المركّب قد لا يوجب سلب اسم المركّب عنه عرفا ، كما ذكرنا في الإنسان المقطوع الأذن أو الأصبع ، فالصلاة إذا كانت في الأصل موضوعة للماهيّة التامّة الأجزاء ولكن لم يصحّ سلبها عنه بمجرّد النّقص في بعض الأجزاء ، فيتمّ القول بكونها اسما للأعمّ من الصّحيحة ، فيرجع الكلام الى وضعها لما يقبل هذا النقص الذي لا يوجب خروجها من الحقيقة عرفا ، وذلك لا يستلزم كون الناقصة مأمورا بها ومطلوبة ، لأنّ مجرّد صدق الإسم عند الشارع لا يوجب كونها مطلوبة له.
ويظهر الثمرة حينئذ (١) فيما لو نذر أحد أن يعطي شيئا بمن رآه يصلّي ، فرأى من صلّى ونقص طمأنينته في إحدى السّجدتين مثلا ، أو لم يقرأ السّورة في إحدى الركعتين ، فبرّ النذر بذلك لا يستلزم كون تلك الصلاة مطلوبة للشارع ومأمورا بها ، فكونها مصداق الإسم معنى وكونها مأمورا ومطلوبا يحصل به الامتثال معنى آخر ، إذ لا بدّ في الامتثال ـ مضافا الى صدق الإسم ـ كونها صحيحة أيضا ، ويتفاوت الأحكام بالنسبة الى الأمرين (٢).
ويظهر الثمرة فيما لو أريد إثبات المطلوبيّة والصحّة حينئذ بمجرد صدق الإسم فيما لو شكّ في جزئيّة شيء للصلاة ولم يعلم فسادها بدونه ، فعلى القول بكونها اسما للأعمّ يتمّ المقصود ، وعلى القول بكونها اسما للصحيحة التامّة الأجزاء
__________________
(١) أي حين صدق الاسم عند الشارع ولم يكن مطلوبا له ، وهذا في الحقيقة ليس ثمرة النزاع بين الصحيحي والأعمي ، بل سيشير فيما بعد الى ثمرته.
(٢) أي كونها مصداق الاسم وكونها مطلوبا يحصل به الامتثال. هذا ويظهر ثمرة النزاع بين الصحيحي والأعمّي بملاحظة الأجزاء في مقابل ملاحظة الشرائط.