فقالوا : بأنّ حملها على نفي الذّات حينئذ ممكن ، فحينئذ نقول : حمل هذه العبارة على نفي الذّات مع كونها ظاهرة في نفي صفة من صفاتها ، إنّما يمكن إذا ثبت كون الصلاة اسما للصحيحة ، وإلّا فهي منساقة بسياق نظائرها ، سيّما مثل قوله عليهالسلام : «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد».
فإذا أردنا إثبات كون الصلاة اسما للصحيحة بسبب مقتضى الحقيقة القديمة ، فذلك يوجب الدّور (١) إلّا أن يكون مراد المستدلّ أنّ أصالة الحقيقة يقتضي ذلك ، خرجنا عن مقتضاه في غيرها (٢) بالدليل وبقي الباقي.
فبهذا نقول : إنّ مثل قوله عليهالسلام : «لا صلاة إلّا بطهور» (٣) ، ممّا كان الفعل المنفي عبادة خارج عن سياق النظائر (٤) ، وبأنّ على مقتضى الأصل ، فلا ريب أنّ ذلك خلاف الإنصاف ، فإنّ هذه في جنب الباقي ليست إلّا كشعرة سوداء في بقرة بيضاء ، ولذلك لم يتمسّك أحد من العلماء الفحول في ذلك المبحث لإثبات نفي الإجمال بأصالة الحقيقة ، وتمسّكوا بالقول بكونها موضوعة للصحيحة من العبادات ، والإنصاف أنّ كون هذه منساقة بسياق النظائر من الأدلّة على كون العبادات أسامي للأعمّ ، فهو على ذلك أوّل ممّا أراده المستدلّ.
__________________
(١) وذلك لأنّ دلالة «لا صلاة إلّا بطهور» على نفي الحقيقة والذّات بمقتضى الحقيقة القديمة لكلمة لا مع كونها ظاهرة في نفي صفة من الصّفات على سياق نظائرها ، إنّما يمكن إذا ثبت كونها أسامي للصحيحة ، فلو أردنا إثبات كونها صحيحة بمقتضى الحقيقة القديمة لها لزم الدّور المذكور.
(٢) في غير هذه المادة وهي لا صلاة إلّا بطهور او بفاتحة.
(٣) «تهذيب الاحكام» : ١ / ٤٩ الحديث ١٤٤ ، «الوسائل» : ١ / ٣١٥ ، الحديث ٨٢٩.
(٤) أي ليست «لا» فيها لنفي الصفة كما كانت في النظائر له ، وإنّما هو باق على مقتضى الأصل وهو نفي الذّات.