هذا التركيب كما لا يخفى على من لاحظ النظائر كقوله عليهالسلام : «لا عمل إلّا بنيّة» (١) و «لا نكاح إلّا بوليّ» (٢) ، و «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد» (٣) ، وغير ذلك (٤). فإنّ القدر المسلّم في أصالة الحقيقة إنّما هو في مثل : لا رجل في الدّار.
وأمّا مثل هذه الهيئات التركيبيّة التي نفس الذّات ، موجودة فيها في الجملة جزما ، وليس المراد فيها إلّا نفي صفة من صفاتها ، فلا يمكن دعوى أصل الحقيقة فيها ، وفيما يشكّ كونه من هذه الجملة مثل ما أقحم (٥) فيه خصوص الصلاة والصيام ونحوهما ممّا يحتمل فيه هذا الاحتمال السّخيف (٦) وهو كونها أسامي للصحيحة ، بحيث يمكن عرفا نفي الذّات بمجرّد انتفاء شرط من شروطها ، بل ومع الشّك في حصول شرط من شروطها فهو لا يخرج هذه الهيئة عمّا هو ظاهر فيه في العرف ، ولذلك تداولها العلماء هذا التداول في مبحث المجمل والمبيّن ، ولم يحتملوا إرادة نفي الحقيقة والذّات إلّا على تقدير هذا القول الضعيف ، وذلك ليس لأنّ الأصل الحمل على الحقيقة ، بل الأصل هنا خلافه ، بل لأنّ دعوى كون هذه الألفاظ أسامي للصحيحة صارت قرينة لحمل هذه العبارة على مقتضى الحقيقة القديمة التي هي الموضوع له لكلمة لا.
__________________
(١) «الكافي» : ٢ / ٦٩ الحديث ١ ، «الوسائل» : ١ / ٤٦ الحديث ٨٣.
(٢) «دعائم الاسلام» : ٢ / ٢١٨ الحديث ٨٠٧ ، «مستدرك الوسائل» : ١٤ / ٣١٧ الحديث ١٦٨١٣.
(٣) «دعائم الاسلام» : ١ / ١٤٨ ، «مستدرك الوسائل» : ٣ / ٣٥٦ ، الحديث ٣٧٦٧.
(٤) نحو «لا قراءة إلّا من مصحف» و «لا علم إلّا ما نفع» و «لا كلام إلّا ما أفاد».
(٥) الإقحام هنا بمعنى الإدخال.
(٦) هذا بيان للموصول الذي ذكره في قوله فيما يشك.