ونحوها ، فحينئذ يتّضح عدم الفرق بينها وبين نفس الأحكام في إجراء أصالة العدم.
وقد ظهر ممّا ذكرنا إمكان إثبات ماهيّة العبادات بضميمة أصل العدم مطلقا ، سواء حصل لنا ظنّ من جهة خبر أنّ هذا هو الماهية ، أو حصل الظنّ من جهة مجموع ما ورد من الأدلّة في خصوص جزء جزء وأصالة عدم شيء آخر.
وأمّا ما يقال (١) : إنّ السبيل منحصر في الإجماع ، فلا نفهم معناه ، فإن أراد أنّه لا بدّ أن ينعقد الإجماع على أنّ هذا هو الماهيّة لا غير ، فلا سبيل لنا الى مثل هذا الإجماع ولم يدّعه أحد من العلماء ، وإن إدّعاه أحد فهو أيضا ظنّ مثل الظنّ الحاصل من تلك الرّواية أو من الأصل (٢) ، ولا يتمّ إلّا بضميمة أصالة عدم دليل آخر يدلّ على ثبوت جزء آخر له أو شرط آخر له ، وإن أراد أنّ ما حصل الإجماع على صحّته ، فالماهيّة موجودة فيه جزما.
ففيه : أنّ هذا ليس إثبات الماهيّة وتعيينها ، بل هو إثبات لما اندرج فيه الماهيّة جزما لاحتمال اشتمالها على المستحبّات التي ليست داخلة في ماهيّة العبادة ، مع أنّ ذلك ممّا لا يمكن غالبا ، كما لو دار الأمر بين الوجوب والحرمة في شيء من الأجزاء ، مثل الجهر ب «بسم الله» في الصلاة الإخفاتيّة ، وبطلان الصلاة بتذكّر إسقاط الرّكوع بعد إكمال السجدتين ، مع ملاحظة القول بلزوم حذفهما وتدارك الركوع فيما بعده.
__________________
ـ يضع ذراعيه على الأرض ، فصلّى ركعتين على هذا ويداه مضمومتا الأصابع وهو جالس في التّشهد ، فلمّا فرغ من التّشهد سلّم فقال عليهالسلام : يا حمّاد هكذا صلّ.
(١) وهذا القول يبدو لأستاذه الوحيد البهبهاني في «الفوائد الحائرية» : ص ١٠٢ المانع من إجراء الأصل في ماهيّة العبادات وأنّ السبيل الى إثبات الماهيّة منحصر بالاجماع فقط.
(٢) من الرّواية رواية حمّاد ، ومن الأصل ، أي الاصل عدم جزئية المشكوك وعدم شرطيته.