وربّما يتكلّف في دفع هذا الإشكال ، بأنّ المخالف في المسألة إذا سلّم أنّه لو كان دليله باطلا ، لكان الماهيّة هي على وفق ما اقتضاه دليل خصمه ، سواء صرّح بذلك التسليم أم لا. فهذا يكفي في كون الماهيّة إجماعيّة عند الخصم ، إذا ظهر له بطلان دليل المخالف وغفلته عن الحق.
وفيه : مع أنّ هذا إنّما يتمّ بالنسبة الى المخالفة الخاصّة دون سائر المخالفات (١) وذلك لا يثبت الماهيّة مطلقا. إنّ ظهور بطلان دليل المخالف غالبا إنّما هو بحسب اجتهاد الخصم ، وقد يكون الغفلة في نفس الأمر من جهة الخصم لا المخالف ، مع أنّ هذا الاحتمال حاصل بالنسبة الى المخالف أيضا بالنظر الى دليل الخصم فيصير الإجماع تابعا لاجتهاد المجتهد وهو كما ترى ، ويزيد شناعة ذلك لو تعدّد الأقوال (٢) أزيد من اثنين ، كما في الجهر ب «بسم الله» ، فإنّ الأقوال فيه ثلاثة : الحرمة ، والوجوب والاستحباب.
وإن قلت : الإجماع حينئذ يحصل بتكرير الصلاة ، فيصير الأمر أشنع ، ومآل [ومال] هذا القول الى وجوب الاحتياط ، وهو مع أنّه لم يقم عليه دليل من العقل والنقل ، يوجب العسر والحرج أو الترجيح بلا مرجّح.
وأمّا ما أورد على إعمال الأصل في ذلك (٣) ، بأنّه إنّما يتمّ إذا جاز العمل
__________________
(١) والمخالفة الخاصة أي الجامعة لهذه الخصوصيّات ، بأن يكون دليل المتخاصمين مذكورا في البين حتى ينظر فيه الثالث فيظهر عليه بطلانه ، بخلاف ما إذا لم يكن عنده إلّا القولان من دون ذكر دليل في البين.
(٢) قال في «التوضيح» : فإنّه من ابطال أحد الاقوال لا يلزم ثبوت الماهية وتعيينها إذ القول في الطرف الآخر أيضا متعدد كما لا يخفى.
(٣) وهو الوحيد البهبهاني في «الفوائد الحائريّة» : ص ١٠٢.