بالاستصحاب حتّى في نفس الحكم الشرعي (١) ، مع أنّه معارض بأصالة عدم كونها العبادة المطلوبة ، وإنّ شغل الذمّة اليقيني مستصحب حتى يثبت خلافه.
ففيه : مع أنّ المحقّق في محلّه ـ كما سيجيء إن شاء الله تعالى ـ حجيّة الاستصحاب مطلقا ، إنّ مرادهم من عدم حجّيته في إثبات نفس الحكم الشرعي أن يكون الاستصحاب مثبتا لنفس الحكم ، مثل أن يقال : إنّ المذي غير ناقض للوضوء مثلا لاستصحاب الطهارة السابقة ، فاستصحاب الطهارة هو المثبت لعدم كون المذي ناقضا ، وأصل العدم منفردا لا يثبت به الماهيّة ، بل هي بضميمة سائر الأدلّة المثبتة لها كما لا يخفى ، مع أنّه مقلوب على المعترض بأنّه كيف يجوز التمسّك في إثبات استحباب غسل الجمعة مثلا بعد تعارض الأدلّة بأصالة عدم شيء آخر يدلّ على الوجوب فيحكم بالاستحباب ، فإنّ الذي يثبت من نفس أدلّة الطرفين إنّما هو القدر الرّاجح لاشتراكهما في الرّجحان ، فيبقى نفي الوجوب وتعيين نفس الاستحباب مستفادا من نفس الاستصحاب وأصالة العدم ، إذ ليس مطلق الرّجحان معنى الاستحباب.
وأمّا المعارضة بأصالة عدم كونها العبادة المطلوبة (٢).
ففيه : أنّ الموجود الخارجي كما يحتمل كونه غير العبادة المطلوبة ، يحتمل كونه هي ، فجعل أحدهما هو الأصل دون الآخر ، ترجيح بلا مرجّح.
نعم ، يمكن أن يقال : الأصل عدم تحقّق العبادة المطلوبة في الخارج ، بمعنى عدم حصول اليقين بالإتيان بالعبادة المطلوبة ، ولا محصّل لهذا الاستصحاب لإبقاء
__________________
(١) قال محمد حسين رحمهالله في التوضيح : إنّ المصنّف سلّمه الله تعالى قال في أثناء الدرس : المراد بالحكم الشرعي هنا هو ما أحدثه الشارع ليشمل الماهيات الشرعية أيضا.
(٢) وهو للوحيد في «فوائده» : ص ١٠٢.