الدقّة تجدها صائبة ، فلذا اثبتناها على ما هي عليه ولم نتصرّف في شيء منها حفظا للأمانة.
وليعلم أنّ للمصنّف إلماما كبيرا في البلاغة والنحو وقد صنّف بعض الكتب والرسائل فيهما ، فلا يعتقدنّ أحد بخطئه عند ذكره لغير مألوف من بعض كلمات أو لمحل رجوع بعض ضمائر أو لتذكير وتأنيث أو لتعريف وتنكير ، لأنّني كثيرا ما لاحظت صواب ما يقوله ، عند الدقّة في قوله وتتبع الجملة من أوّلها ، والتقدير لكلمات فيها ، فيحكم المتعجّل بأنّ المصنّف مخطئ بينما هو مصيب.
هذا وربّما ستلاحظ أنّه في بداية الكتاب قد أكثرت من الشرح وتوقفت على كثير من الألفاظ تحقيقا وشرحا وتعليقا ، ثم عدلت عن ذلك المنهج بعد أن تنبّهت لضرورة الاقتصار على الأهم والاختصار على الأقل ، ولو أنّ هذه الطريقة توالت لبلغ هذا كثيرا ولتعدّدت أجزاؤه وكبر حجمه ، وهذا ينافي ما رأيته من التسهيل ليصبح الكتاب محلّا للقبول وأهلا لمن يراعي الاختصار في مثل هذا المجال.
وقد تجد أنّ هناك بعض المطالب الأصولية أو البعض الذي له صلة بمسألة اعتقادية لم آت على التعليق عليها إمّا لأنّها خطيرة وما وددت التعرّض إليها ببيان قليل يمكن أن يؤدّي لإخلال بها ، فوقفت عندها أو مررت عليها وتركتها دون الخوض والغمار في الكلام عنها.
وهناك بعض تعاليق قد ذكرتها لفائدة ما فيها ، وذكرت القائل لها ، وكنت قد أعرضت في بعضها عن ذكر القائل لها ، نعم عبّرت في ذيلها هذا ما أفاده أو على ما أفاده في الحاشية ونحو هذا ، وذلك لأنّه لم يكن عندي من متسع لأجهد نفسي في التحقّق من القائل لها بعد ما أجهدتها في التدبّر بهذه الأقوال والتطلّع إليها قبيل استنساخها تبعا لما كنت أراه لأهميّتها أو لأمر آخر.