تفصيلا ، وهذا معنى ما يقال : إنّ المجاز يحتاج الى قرينتين : صارفة ومعيّنة ، بخلاف المشترك ، وقد يكتفى بقرينة واحدة إذا اجتمع فيه الحيثيّتان (١).
لا أقول : إنّ مدلول المشترك عند الإطلاق واحد من المعنيين غير معيّن كما يتوهّم من ظاهر كلام السّكّاكي (٢) ، بل مدلوله واحد معيّن عند المتكلّم غير معيّن عند المخاطب لطريان الإجمال بسبب تعدّد الوضع.
وأمّا القيد الأخير ؛ فهو لإخراج الاستعمال فيما وضعت له في اصطلاح آخر. فاستعمال الفعل في مطلق الحدث في اصطلاح النحوي ليس حقيقة ، وإن كان مستعملا فيما وضع له في الجملة ، وقد يستغنى عنه باعتبار الحيثيّة كما أشرنا اليه في أوّل الكتاب (٣).
الثانية : أنّ اللّفظ المفرد ـ أعني ما ليس بتثنية وجمع (٤) ـ إذا وضع لمعنى كلّي
__________________
(١) وذلك كلفظ يرمي من قولهم رأيت أسد يرمي ، فإنّها كما تكون قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي الذي هو الحيوان المفترس ، تكون قرينة معيّنة للمعنى المجازي الذي هو الرجل الشجاع أيضا.
(٢) للمشترك على ما ذكروه إطلاقات ، أحدها : أن يطلق على أحد المعنيين من غير تعيين ، وقد عزي إلى السكاكي أنّه حقيقة فيه ، وحكي عنه أنّ المشترك كالقرء ، مدلوله أنّ لا يتجاوز الطهر والحيض غير مجموع بينهما يعني أنّ مدلوله واحد من المعنيين غير معيّن. والتفتازاني في «المطوّل» له حمل وربما يظهر من الفاضل الباغنوي حمل أيضا ، وقد حقق المسألة صاحب «الهداية» : ١ / ٥٠١.
(٣) حيث قال في صدر القانون الثاني : إنّ اللّفظ إن استعمل فيما وضع له من حيث هو كذلك فحقيقة.
(٤) إشارة الى أنّ المفرد قد يطلق في مقابل المركب ويراد به ما ليس بمركب ، وقد يطلق ـ