كلّ واحد من المعاني مع الوحدة المعتبرة في الموضوع له ـ قد استعمل في المعنى بإسقاط قيد الوحدة وهو جزء الموضوع له ، فيظهر ما فيه ممّا ذكرنا في المقدّمات ، مع أنّ ذلك يستلزم وجود سبعين مجازا في استعمال واحد في مثل العين بالنسبة الى سبعين حقيقة ، وهو أجنبيّ بالنسبة الى موارد استعمالات العرب.
وأمّا في التثنية والجمع حقيقة ، فلما عرفت في المقدّمة الرابعة من أنّهما حقيقتان في فردين أو أفراد من ماهيّة ، لا في الشّيئين المتّفقين في اللّفظ والأشياء كذلك ، وللزوم الاشتراك وتكثّر الاحتياج الى القرائن لو كان كذلك ، والمجاز خير من الاشتراك.
وأمّا مجازا ، فلعدم ثبوت الرّخصة في هذا المجاز ، فإنّ الظاهر أنّ المجاز في التثنية والجمع إنّما يرجع الى ما لحقه علامتهما ، لا الى العلامة والملحق به معا ، فإنّ الألف والنّون ونحوهما لا يتفاوت فيهما الحال في حال من الأحوال ، فإنّ لفظ عينان أو عينين مثلا يراد به الشيئان ، سواء أردت منهما الفردين من عين أو شيئين مسمّيين بالعين ، إنّما التفاوت في لفظ العين ، فيراد (١) في أحد الاستعمالين منهما [منها] ، أعني الاستعمال الحقيقيّ الماهيّة المعيّنة الواحدة ، ويشار بالألف والنّون ونحوهما الى الفردين منها أو أكثر ، وفي الاستعمال الآخر لا يمكن إرادة كلّ واحد ، بأن يكون مجازا مرسلا من باب استعمال اللّفظ الموضوع للكلّ في الجزء ، فلا بدّ أن يراد منها المسمّى بالعين ليكون كليّا له أفراد ، فيشار بالألف والنون حينئذ الى الفردين من المسمّى بالعين أو أكثر ، وهذا واضح ممّا ذكرنا ، وهذا المجاز خارج عن المتنازع ويكون من قبيل عموم الاشتراك.
__________________
(١) من لفظ المفرد في ضمن التثنية.