اشترط في المحكوم عليه أيضا للزم عدم جواز الاستدلال بمثل قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا)(١) ، و : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا)(٢) ، ونحو ذلك ، بالنّسبة الى من لم يكن زانيا أو سارقا حال الإطلاق ، بل المعتبر اتّصافه في أحد الأزمنة الثّلاثة.
ووجه هذا الاستدلال ، أنّهم يستدلّون بهذه الآيات وظاهرهم إرادة الحقيقة ، فيكون المشتقّ حينئذ حقيقة في كلّ واحد من الأزمنة.
أقول : ويلزم من ذلك أنّ ذلك القائل يقول بكون المشتقّ حقيقة في المستقبل أيضا.
وقد يوجّه : بأنّ مراده حينئذ أنّ المحكوم عليه حقيقة فيما تلبّس بالمبدإ في الجملة ، يعني المعنى العامّ السّابق أو ما هو أعمّ منه ليشمل الاستقبال ، وكيف كان فهو باطل.
أمّا أوّلا : فلأنّ هذا الكلام مبنيّ على أنّ المراد بالحال وأخويه في محلّ النزاع ، هو حال النطق وما قبله وما بعده ، وقد عرفت خلافه.
وأمّا ثانيا : فلأنّ المشتقّ كونه حقيقة في الحال مع الخصوصيّة ممّا لا خلاف فيه ، وإن كان محكوما عليه ، فلو جعلناه حقيقة في القدر المشترك أيضا للزم الاشتراك ، والمجاز أولى منه ، وكونه محكوما عليه قرينة للمجاز ، مع أنّ الاستدلال بها على من لم يتلبّس بعد حين الإطلاق (٣) أو لم يوجد أيضا هو من قبيل الاستدلال بالخطابات الشفاهيّة ، فإنّ تلك الخطابات لا تثبت إلّا أصل التكليف.
وأمّا خصوص تكليفنا فإنّما يثبت بدليل خارج ، كالإجماع وغيره.
__________________
(١) النور : ٢.
(٢) المائدة : ٣٨.
(٣) كما ذكر في كلام المستدل.