الاشتراك بينه وبين الوجوب ، مع أنّ المجاز لازم على ما ذكروا أيضا إذا استعمل في كلّ من المعنيين بقيد الخصوصيّة ، مع أنّ لزوم المجاز حينئذ أكثر ، لأنّ المجاز على المختار مختصّ بالندب إلّا أن يقال بالتساوي من جهة الاستعمال في عموم المجاز على المختار أيضا ، وهو مجاز شائع لا شذوذ له كما توهّمه صاحب «المعالم» (١).
حجّة الاشتراك اللّفظي بينهما لغة : الاستعمال فيهما ، والأصل فيه الحقيقة ، وقد عرفت أنّ الاستعمال أعمّ منها ، ونحن قد دللنا على كونها حقيقة في الوجوب فقط.
وحجّة الدّلالة على الوجوب شرعا : احتجاج بعض الصّحابة على بعض في المسائل بالأوامر المطلقة من غير نكير ، وإجماع الإماميّة على ذلك (٢).
والأوّل مدفوع : بأنّ الظاهر أنّ استدلالاتهم من جهة دلالته لغة والأصل عدم طروّ وضع جديد ، والإجماع لو سلّم ، فلا ينفي كونها حقيقة فيه في اللّغة أيضا.
وقد يستدلّ على ذلك (٣) : ببعض الآيات والأخبار مثل قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ)(٤). فإنّ امتثال الأمر طاعة ، وترك الطاعة عصيان.
وفيه : منع كليّة الكبرى (٥) ، مع أنّه لو تمّ ذلك لتمّ في الدلالة عليه لغة أيضا ، ولا اختصاص لذلك بالشّرع ، إذ الواجب ليس إلّا ما يعدّ تاركه عاصيا. ومثل قوله
__________________
(١) ص ١٣٢ حيث قال : إنّ الاستعمال في القدر المشترك إن وقع فعلى غاية الندرة والشّذوذ.
(٢) اجماع الاماميّة على دلالة الأمر على الوجوب شرعا.
(٣) كما فعل في «الوافية» ص ٧١.
(٤) الجن : ٢٣.
(٥) لصدق السّالبة الجزئية التي هي نقيضها ، أعني بعض ترك الطاعة ليس بعصيان كالمندوب ، وصغرى القياس هو التخلّف عن الأمر هو ترك الطاعة.