مقصودا في الآيتين.
والحاصل ، أنّه لا مانع من استفادة وجوب المقدّمة تبعا بالمعنى المتقدّم ، ولا يكون على تركها ذمّ ولا عقاب ، بل يكون الذمّ والعقاب على ترك ذي المقدّمة ، وقد سبقنا الى هذا التحقيق جماعة من المحقّقين (١).
وأمّا المدح والثواب على فعلها ، فالتزمه بعض المحقّقين ، ونقله عن الغزالي (٢) ، ولا غائلة فيه (٣) ظاهرا ، إلّا أنّه قول بالاستحباب ، وفيه إشكال ، إلّا أن يقال باندراجه تحت الخبر العامّ فيمن بلغه ثواب على عمل فعمله التماس ذلك الثواب أوتيه وإن لم يكن كما بلغه (٤). فإنّه يعمّ جميع أقسام البلوغ حتّى فتوى الفقيه.
احتجّ الأكثرون : بالإجماع ، نقله جماعة (٥) ، وربّما ادّعى بعضهم الضّرورة (٦)
__________________
(١) كالمحقق الخوانساري وأشدّ في الاصرار عليه ، نعم نسبه أيضا الى الغزالي وهو أسبق حتى من الباغنوي الذي صرّح به.
(٢) راجع «المستصفى» : ص ٧٣ مسألة ما لا يتم الواجب إلّا به.
(٣) أي لا عيب ولا فساد فيها وتعرّض لذلك المحقق الاصفهاني في «هدايته» : ٢ / ١٠٢.
(٤) جاء في كثير من الألفاظ وفي كثير من الكتب الحديثية «كالوافي» ج ٣ ص ٧٢ ب ٤٧ ح ١١ و «الكافي» ج ٢ ص ٨٧ ج ٥ ب ٤٦ ح ٢ و ١.
(٥) كما عن السيّد المرتضى في «الذريعة» ١ / ٨٣ الذي قال : اعلم أنّ كل من تكلّم في هذا الباب أطلق القول بأنّ الأمر بالشيء هو بعينه أمر. والعلّامة منّا وغير واحد من العامة ، منهم الآمدي في «الاحكام» ، وادعاء الاجماع عليه والضرورة ، نقله في «هداية المسترشدين» : ٢ / ١٠٢ وذكر أنّ حكاية الاجماع عليه مستفيضة على ما ذكره جماعة.
(٦) الظاهر من بعض الحواشي أنّه الفاضل التوني ، ويبدو أنّه ليس له وإنّما ذكر في «الوافية» ص ٢٢١ : بأن المتطلع يحصل له ظنّ قوي بوجوب مقدّمة الواجب مطلقا ، ويظهر أن المقصود المحقق الدواني ، وربما يستفاد ذلك من كلام المحقق الطوسي أيضا كما في «هداية المسترشدين» : ج ٢ ص ١٠٣.