بالنسبة الى السبب مطلقا ، وبالنسبة الى غيره محتملا للإطلاق والتقييد ، فيحكم بوجوب السّبب مطلقا لعدم احتمال التقييد ، ويتوقّف في غيره لاحتمال كون الوجوب مقيدا بالنسبة إليه.
وهذا بعينه قول المشهور في مقدّمات الواجب المطلق.
والأقرب عندي عدم الوجوب مطلقا.
لنا (١) : الأصل وعدم دلالة الأمر عليه بإحدى من الدّلالات ، أمّا المطابقة والتضمّن فظاهر ، وأمّا الالتزام فلانتفاء اللّزوم البيّن ، وأمّا الغير البيّن فهو أيضا منتف بالنسبة الى دلالة اللّفظ ، إذ لا يقال ـ بعد ملاحظة الخطاب والمقدّمة والنسبة بينهما ـ أنّ هاهنا خطابين وتكليفين كما هو واضح ، ولذلك يحكم أهل العرف بأنّ من أتى بالمأمور به ، امتثل امتثالا واحدا ، وإن أتى بمقدّمات لا تحصى.
وكذا لو ترك المأمور به لا يحكم إلّا بعصيان واحد ، ولا يحكم العقل والعرف بترتّب المذمّة والعقاب على ترك المقدّمة في نفسها ، إذ المذمّة والعقاب إمّا لقبحه ، أو لحصول العصيان بتركها ، ولا يستحيل العقل كون ترك شيء قبيحا بالذّات ، ولا يكون ترك مقدّمته قبيحا بالذّات ، وحصول العصيان يدفعه فهم العرف كما بيّنّا.
نعم ، يمكن القول باستلزام الخطاب لإرادتها حتما بالتّبع ، بمعنى أنّه لا يرضى بترك مقدّمة ، ولا يجوز تصريح الأمر بعدم مطلوبيّتها للزوم التناقض من باب دلالة الإشارة ، ولا يستلزم استفادة شيء من الخطاب كونه مقصودا للأمر مشعورا به له حتّى يقال إنّه ربّما نأمر بشيء ولا يخطر ببالنا المقدّمة ، فكيف يكون واجبا؟
ألا ترى أنّا نحكم باستفادة كون أقلّ الحمل ستّة أشهر من الآيتين ، مع عدم كونه
__________________
(١) وقد ذكرت في «الفصول» : ص ٨٥ وأجاب هناك عليها.