وبالجملة ، لا بدّ من التفرقة بين قول المولى للعبد : كن على السّطح ، وأجزت لك أن لا تنصب السّلّم ، أو لا تصعد ، وبين قوله : كن على السّطح ، وإن لم تكن عليه فأعاقبك على ترك الكون ، ولا أعاقبك على ترك النّصب ، ولا على ترك الترقّي على كلّ واحد من الدّرجات ، والذي نجوّزه هو الثاني ، والذي يرد عليه الاعتراض هو الأوّل.
وعن الثالث ؛ منع كون المذمّة على ترك المقدّمة لذاتها ، بل إنّما هو لأجل ترك ذي المقدّمة حيث لا ينفكّ عن تركها ، ولهم حجج أخرى ضعيفة ، أقواها ما ذكرنا (١).
حجّة القائلين بوجوب السّبب دون غيره (٢) : أمّا في غير السّبب فما مرّ (٣) ، وأمّا في السّبب فهو أنّ المسبّب لا يتخلّف عن السّبب وجودا وعدما ، فالقدرة لا تتعلّق بالمسبّب ، بل القدرة على المسبّب ، باعتبار القدرة على السّبب لا بحسب ذاته ، فالخطاب الشرعيّ وإن تعلّق على الظاهر بالمسبّب إلّا أنّه يجب صرفه بالتأويل الى السّبب ، إذ لا تكليف إلّا بالمقدور من حيث هو مقدور ، فإذا كلّف المكلّف كان تكليفا بإيجاد سببه ، لأنّ القدرة إنّما تتعلّق بالمسبّب عن هذه الحيثيّة ،
__________________
(١) أي أقوى الحجج مطلقا ، ومن جملة تلك الحجج انّ العقل يحكم بالوجوب وهو من أدلّة الشرع أيضا فثبت الوجوب الشرعي. والجواب : أنّه لا يثبت به إلّا الوجوب التبعي وهو مما لا ينكر ولا نسلّم ترتب العقاب بترك مثل ذلك الواجب بنفسه غير العقاب المترتب على نفس الواجب كما هو محلّ النزاع ، بل القدر المسلّم من العقاب إنّما هو على ترك ذي المقدمة فقط كما لا يخفى.
(٢) راجع ما قرّره السيّد في «الذريعة» : ١ / ٨٢.
(٣) من أدلّة النفي.