بخلاف ما إذا كانت المقدّمة شرطا للواجب غير مستلزم إيّاه ، كالطهارة للصلاة والمشي للحج ، فإنّ الواجب هاهنا يتعلّق به القدرة بحسب ذاته ، فلا يلزم أن يكون إيجابه إيجابا للمقدّمة.
وحاصله ، أنّ المسبّب لا ينفكّ عن السّبب قطعا ، ووجوده واجب حينئذ ويمتنع عند عدمه ، فالتكليف بالمسبّب إمّا تكليف بإيجاد الموجود أو الممتنع ، وكلاهما محال فلا يصحّ تعلّق التكليف به ، فالتكليف متعلّق بالسّبب.
وجوابه : أنّ المقدور لا يصير ممتنعا ، فإنّ الوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار ، وكذلك الامتناع بالاختيار (١).
وبالجملة ، المسبّب مقدور وإن كان بواسطة السّبب ، ولذلك (٢) ذهب المحقّقون الى جواز كون المطلوب بالأوامر هو المفهومات الكلّيّة وإن لم يمكن وجودها إلّا في ضمن الفرد ، مع أنّ الامتناع بالمعنى المذكور يتمشّى في الشروط أيضا.
وقد يورد عليه أيضا (٣) : بأنّ ذلك مستلزم لارتفاع التكليف ، إذ كلّ سبب مسبّب أيضا ، لاحتياج الممكن الى المؤثّر حتى ينتهى الى الواجب.
وقد يجاب (٤) : بأنّ المراد بالمسبّب هاهنا ما له واسطة مقدورة بينه وبين
__________________
(١) يعني أنّ الذي ذكرت من أنّ التكليف بإيجاد الموجود والممتنع محال وهو على اطلاقه غير مسلّم ، لما تقرّر من أنّ الوجوب بالاختيار لا ينافي الاختيار ، وكذلك الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
(٢) أي ولأجل أنّ المسبب مقدور ولو بواسطة.
(٣) أي على احتجاج القائلين بوجوب السبب دون غيره ، وهذا الايراد نقل عن سلطان العلماء.
(٤) وهذا الجواب أيضا من المورد السلطان في حاشيته على «المعالم» : ص ٢٨١.