ثمّ إنّ ما ذكرنا (١) مبنيّ على أن لا يكون الأفعال التوليديّة (٢) مستندة الى العلّة الأولى حقيقة ، وإلّا فلا مانع من إسناد الإحراق الى المخاطب ، كما في أمر الملك أحد أمرائه بفتح البلاد ، فلا يتفاوت المقام في دعوى كون الأمر بالمسبّب مستلزما للأمر بالسّبب بعنوان اللّزوم العقلي لا الدّلالة المجازية المطابقية ، ولكنّ ظاهر كلام المستدلّ هو المعنى الثاني ، فيختلف موضع النزاع بالنسبة الى السّبب وغيره من المقدّمات ، ومع ذلك فقد عرفت بطلان دليله بما لا مزيد عليه.
حجّة القول بتخصيص الوجوب بالشرط الشرعي (٣) : أنّه لو لم يكن واجبا ، لم يكن شرطا ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
أمّا الملازمة ، فلأنّه لو لم يجب لجاز تركه ، وحينئذ فإمّا أن يكون الآتي بالمشروط آتيا بتمام المأمور به أم لا (٤) ، والثاني باطل ، لأنّ المفروض أنّ المأمور به منحصر في المشروط ، فيلزم تماميّة المأمور به بدون الشرط ، فيلزم عدم توقّفه على الشّرط ، هذا خلف.
وأمّا بطلان التالي فواضح (٥).
والدّليل على عدم الوجوب في غيره يظهر ممّا تقدم.
__________________
(١) وهو قوله : ولكن الظاهر انّ المراد بالاحراق .. الخ قوله : في أمر الملك ، وأنت خبير بأنّ الأمر بالاحراق ، وأمر الملك أحد أمرائه بفتح البلاد فرقا ظاهرا ، إذ في الأوّل إسناد الفعل الى المخاطب على سبيل الحقيقة ، وفي الثاني الى الأمر على سبيل المجاز كما ذكرنا سابقا.
(٢) التوليدية عبارة عن أن يوجب فعل لفاعله فعلا آخر.
(٣) راجع «المعالم» : ص ١٧١ ، وراجع «المنتهى» : ص ٣٦ ، وشرح العضد : ١ / ٩٠.
(٤) لا آتيا بتمام المأمور به.
(٥) لأنّه خلاف المفروض.