ويمكن توجيهه (١) : بأنّ المراد حصول البداء فيما ظهر له من الله تعالى وعلم من قبله انّه يذبحه ويصدر عنه الذّبح بقرينة قوله تعالى : (إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ)(٢) ، لا أمرني تعالى بذبحك ، فيكون في المعنى إخبارا عن حصول هذا الفعل في الخارج بدون منع عن الله تعالى ، ثمّ بدا لله فلم يقع في الخارج ، مثل إخبار عيسى عليهالسلام عن موت العروس ثمّ ظهور خلافه (٣).
لكن يرد عليه : أنّ رؤيته عليهالسلام ذبحه في المنام مسبّبة عن أمره تعالى به ، فيدور الكلام(٤).
ويشهد بذلك (٥) قوله تعالى حكاية عن إسماعيل عليهالسلام : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ)(٦). فالأولى جعله (٧) إمّا من باب النّسخ ، والقول بجوازه قبل العمل سيّما
__________________
(١) أي توجيه الجواب لينطبق على البداء المصطلح أي في الأفعال دون الأحكام.
(٢) الصافات : ١٠٢.
(٣) حكي أنّ رجلا من بني إسرائيل قد استدعى امرأة ذات ثروة في زمان عيسى عليهالسلام فخطب ، فأخبره عليهالسلام بأنّك لا تدركها لموتها ليلة العرس ، فوقعتا المناكحة فلم تمت في تلك اللّيلة ، فاستعجب من تخلّف ما أخبره به ، فأوحى الله إليه أن يفتّشوا تحت وسادتها فإذا فيه حيّة عظيمة ، فاستخبروا من العروس كيف حالك باللّيلة ، فقالت : بعد ما نمت ونام أهل البيت كلهم سمعت سائلا بالباب يسأل ويدعو بدفع البليّات فقمت وأخذت ما ادّخروا لنا من الغذاء ومشيت نحوه بحيث لا يلتفت أحد وأوصلت الغذاء الى السّائل تقرّبا الى الله تعالى دفعا للبليّات ثم نمت كما كنت. فقال عيسى : هذا من ذاك وإلّا لوقع ما أخبرت به.
(٤) أي يرجع الكلام الى الأمر ، أي أنّ ما ظهر له من الفعل مسبب من الأمر ، فالبداء بما ظهر حقيقة في البداء عن الأمر.
(٥) أي يشهد انّ ما ظهر مسبّب عن الأمر.
(٦) الصّافات : ١٠٢.
(٧) هذا هو الجواب الثالث من الأجوبة السّتة.