لنا : أنّ الأمر لا يقتضي إلّا طلب الماهيّة المطلقة ، بدون اعتبار مرّة ولا تكرار كما مرّ تحقيقه.
ومعناه أنّ المطلوب به إيجاد الطبيعة ، وهو يحصل بإيجاد فرد منه ، والمفروض حصوله ، فحصل المطلوب ، فلا يبقى طلب آخر ، فقد سقط الوجوب ، بل المشروعيّة أيضا ، لما مرّ تحقيقه في نفي دلالة الأمر على التكرار.
فلو قيل : إنّ حصول الامتثال بالنسبة إلى ذلك الأمر إنّما هو بالنسبة إلى بعض الأحوال دون بعض ، وإنّما السّاقط هو الأمر بالبدل دون المبدل.
فأقول : إنّ ذلك باطل من وجهين :
الأوّل : أنّ ذلك خروج عن المتنازع ، إذ ما ذكرته يصير أمرين ، وكلامنا في الأمر الواحد.
والثاني : أنّ المكلّف بالصلاة مع الوضوء مثلا إنّما هو مكلّف بصلاة واحدة كما هو مقتضى صيغة الأمر ، من حيث إنّ المطلوب بها الماهيّة لا بشرط ، فإذا تعذّر
__________________
ـ اسند اليه منصب القضاء بعد ذلك انحسر شأنه وضعف أمره ورجع الى ما يشبه ما كان عليه من الفقر. ومن مؤلفاته في اصول الفقه «كتاب العمد» وهو كتاب قال عنه ابن خلدون : إنّه أحد الكتب الأربعة التي هي أركان المؤلفات الأصولية وهي بالاضافة الى «كتاب العمد» هذا «البرهان» لإمام الحرمين و «المستصفى» للغزّالي و «المعتمد» لأبي الحسين البصري المعتزلي ، اثنان للمعتزلة واثنان للشافعيّة. ويعدّ «كتاب العمد» موسوعة أصوليّة يتميّز بكثرة نصب الأدلّة والاستطراد في كلّ ما يمكن أن يراد عليها من اعتراضات ثمّ الاجابة عنها ، كما أنّه يتضمّن آراء لعلماء ليس من المتوقع العثور على أقوالهم بعد أن اندثرت كتبهم. وقد شرحه تلميذه أبو الحسين البصري المعتزلي. وقد توفي في الري ودفن بها في داره على رأي أكثر المترجمين له بعد أن تجاوز التسعين من عمره.