عليه ذلك ، فهو مكلّف بهذه الصلاة مع التيمّم ، وهو أيضا لا يقتضي إلّا فعلها مرّة ، وظاهر الأمر الثاني إسقاط الأمر الأوّل ، فعوده يحتاج إلى دليل ، والاستصحاب وأصالة العدم وعدم الدّليل كلّها يقتضي ذلك (١) ، مضافا الى فهم العرف واللّغة ، وما ترى أنّ الصلاة بظنّ الطهارة تقضى بعد انكشاف فساد الظنّ ، فإنّما هو بأمر جديد ودليل خارجي(٢).
نعم لو ثبت من الخارج أنّ كلّ مبدل إنّما يسقط عن المكلّف بفعل البدل ما دام غير متمكّن عنه ، فلما ذكر وجه (٣) ، وأنّى لك بإثباته ، بل الظاهر الإسقاط مطلقا (٤).
فيرجع النزاع في المسألة إلى إثبات هذه الدّعوى إلّا أنّ الأمر مطلقا يقتضي القضاء أو يفيد سقوطه ، فالمسألة تصير فقهيّة لا اصوليّة (٥).
وقد استدلّوا على المشهور أيضا بوجهين آخرين :
الأوّل : أنّه لو كان مكلّفا بذلك الأمر بعينه بفعل ما أتى به على وجهه ثانيا فيلزم تحصيل الحاصل ، وهو محال.
وإن كان مكلّفا بذلك الأمر بإتيان غير المأتيّ به أوّلا فيلزم أن لا يكون المأتيّ به أوّلا تمام المأمور به ، هذا خلف.
أمّا الثاني ، فظاهر ، وأمّا الأوّل ، فهو مبنيّ على ما حقّقناه من أنّ حصول الامتثال
__________________
(١) أي اسقاط الأمر الأوّل.
(٢) من الاجماع والأخبار الدالة على أنّ الطهارة شرط واقعي للصلاة لا علمي.
(٣) هذا جواب الشرط أعني لو قيل.
(٤) اسقاط المبدل بعد الاتيان بالبدل سواء حصل التمكن من المبدل أم لا.
(٥) لأنّه بحث عن وصول الدليل لا عن كيفية الاستنباط عنه. ومراده بالفقه ، الفقه الاستدلالي وقد ردّ في «الفصول» : ص ١١٨ على هذا المقالة.