لا يبقى معه طلب آخر ، فتحصيل الامتثال الثاني لا يتمّ الّا بإعادة الامتثال الأوّل ، وهو تحصيل الحاصل.
وبذلك يندفع (١) ما يقال : إن فعله ثانيا مثل المأتيّ به أوّلا ، لا نفسه ، فإنّ ذلك إنّما يصحّ لو كان فعله ثانيا بأمر آخر كما يستفاد من التحرير الثاني في محلّ النزاع.
وأمّا على التحرير الأوّل ، فلا يبقى طلب وأمر حتّى يستدعي إثباته ثانيا بحيث يكون غير الأوّل.
وأمّا ما قيل في ردّه (٢) : من أنّ المطلوب هو الطبيعة لا الأفراد ، ولا شكّ في أنّ تحصيل الطبيعة بعد حصوله أوّلا تحصيل للحاصل ، فهو قريب من الهذيان ، إذ ذلك يستلزم أن يكون فعل جميع الأنواع المندرجة تحت جنس بعد فعل واحد منها تحصيل للحاصل.
الثاني : أنّه لو لم يكتف بإتيان المأمور به على وجهه في حصول الامتثال واقتضى الأمر فعله ثانيا ، لزم كون الأمر للتكرار ، وهو خلاف التحقيق ، أو خلاف المفروض.
ويرد عليه (٣) : انّ منكر الدلالة على الإجزاء لا يقول بأنّ الأمر يقتضي ذلك بحيث لا يتخلّف منه بالذّات ، كما يقوله القائل بالتكرار ، بل يقول أنّه لا مانع من اقتضاء ذلك (٤) كما أشرنا في المقدّمات (٥).
__________________
(١) هذا عن التفتازاني في «شرح الشرح».
(٢) الردّ هو على قول التفتازاني السّابق الذّكر ، وهو من الباغنوي. وأيضا قيل أنّ الرادّ هو المدقّق الشيرواني ، كما أفاده في الحاشية وذكره في «الفصول» : ص ١١٧ بقوله : وأجاب بعض المعاصرين.
(٣) الايراد من المصنّف على التفتازاني المذكور.
(٤) وهو اقتضاء الأمر التكرار.
(٥) لعلّه أراد من المقدمات بعضها لأنّه إنّما أشار إليه في المقدّمتين إحداهما المقدمة ـ