وفيه : أنّ هذا إنّما يتمّ (١) لو قلنا : كل صيغة لا تفعل ، نهي ، وهو مسلّم إن لم نقل بكون النّهي بلفظه مأخوذا في معناه التحريم ، وهو خلاف التحقيق كما عرفت.
فحينئذ ، فلا يصدق النّهي على صيغة لا تفعل إلّا ما علم إرادة الحرمة منه.
والنزاع في صيغة لا تفعل ، مجرّدة عن القرائن لا فيما علم كونه للحرمة ، فحينئذ يكفي صدق النّهي عليها في إفادة الحرمة ، ولا حاجة الى دليل آخر ، كما مرّ نظيره في الأمر (٢) ، وإن لم يجعل لفظ نهى ينهى مأخوذا في معناه الحرمة كما هو مبنى الاستدلال ظاهرا.
ففيه ، أوّلا : ما بيّناه من أنّ الحقّ خلاف ذلك.
وثانيا : أنّ هذا الاستدلال يدلّ على عدم الدلالة لغة وإلّا لما احتاج الى الاستدلال.
وأمّا في خصوص نهيه صلىاللهعليهوآلهوسلم فصيرورته بذلك مدلولا حقيقيّا له أيضا ، محلّ الكلام ، بل يصير ذلك من باب الأسباب والعلامات ، ولا يفيد أنّ مدلول لا تفعل ، في كلامه يصير كذلك حقيقة ، بلّ إنما يدلّ على أنّ كلّ ما منعه بقوله : لا تفعل ، يجب الانتهاء عنه.
__________________
(١) وفي بعض النسخ ان لو قلنا وحينئذ يقرأ بكسر الهمزة بجعل ان شرطية ولو زائدة للتأكيد ، او بفتح الهمزة بجعل ان مصدرية ولو أيضا زائدة للتأكيد بجعل لو أيضا مصدرية أي فيما لو قلنا ، ويجوز جعل ان زائدة ولو شرطية بعكس الاوّل فتأمل. هذا ما في الحاشية.
(٢) في القانون الثاني من الأوامر في مقام الاستدلال بقوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ). حيث قال هناك في جواب ما قيل : انّ الأمر حقيقة في الصيغة المخصوصة ... الخ. ففيه ، ما لا يخفى إذ الأمر إنّما يسلّم صدقه على الصيغة إذا كان؟؟؟ بها على سبيل الوجوب ، وأمّا إذا أريد منها غيره فلا يصدق عليها أنّه أمر.