المراد أنّ الحائض منهيّ عن مطلق الصلاة الصحيحة.
فإن قالوا : إنّ الحائض إمّا تتمكّن من الصلاة الجامعة للشرائط أو لا. والثاني باطل لاستلزامه طلب غير المقدور ، لاستحالة تحصيل الحاصل ، واستمرار العدم مع عدم القدرة على الإيجاد لا يجدي في مقدوريّتها (١) فتعيّن الأوّل ، والنّهي لا يدلّ على الفساد ، فهي باقية على صحّتها.
قلنا : نختار الأوّل ونقول : إنّها متمكّنة عن الصلاة الصحيحة الشرعية في الجملة وإن لم تكن صحيحة بالنسبة الى خصوص الحائض ، ولا ريب أنّ الصلاة الجامعة للشرائط غير عدم كونها فى أيام الحيض ، صحيحة بالنظر الى سائر المكلّفين ، وبالنظر إليها قبل تلك الأيّام وعدم تمكّنها من الصلاة الصحيحة بالنسبة الى نفسها ، وامتناعها عنها إنّما هو بهذا المنع ، والنهي وطلب ترك الممتنع بهذا المنع لا مانع منه ، مع أنّ قاعدتهم (٢) منقوضة بصلاة الحائض ونكاح المحارم اتّفاقا ، وتخصيص الدّليل القطعي ممّا لا يجوز ، وحمل المناهي (٣) الواردة عن صلاة الحائض على المنع اللّغويّ غلط لاستحباب الدّعاء لها بالاتّفاق ، وكذلك حمل النكاح على مجرّد الدخول ، ارتكاب خلاف ظاهر لا دليل عليه ، والله الهادي.
__________________
(١) أي مقدوريّة الأعدام.
(٢) أي قاعدة أبي حنيفة وصاحبيه.
(٣) يعني لو قال الخصم : بأنّ النهي في صلاة الحائض لم يتعلّق على معناها الشرعي وهو الأركان المخصوصة ، بل تعلّق بمعناه اللّغوي وهو الدعاء ، فلذا لا ينقض بها قاعدتنا من دلالة النهي على الصحّة عنه في صلاة الحائض فيما إذا دخل النهي على المعنى الشرعي لا اللّغوي. قلنا في جوابه : هذا غلط إذ كون المنهي عنه في صلاة الحائض هو الدعاء ينافي استحبابه لها اتفاقا ، هذا كما في الحاشية.