وتحقيق المقام : أنّ هذا التقسيم لا بدّ أن يعتبر بالنسبة الى دلالة اللّفظ مطلقا. حقيقة كان أو مجازا ، ولا بدّ أن يناط القطع في الإرادة والظنّ بها بالقرائن الخارجية ، فإنّ دلالة اللّفظ على ما وضع له حقيقة موقوفة على عدم القرينة على إرادة المجاز ، فإن ثبت القرينة على عدم إرادة المجاز ، فنقطع بإرادة المعنى الحقيقي ، وإذا لم يكن هناك قرينة على نفي التجوّز ، فبأصالة العدم وأصالة الحقيقة يحصل الظنّ بإرادة الحقيقة ، فإرادة المعنى الحقيقي من اللّفظ قد يكون قطعيّا وقد يكون ظنيّا.
ولعلّ مراد شيخنا البهائي رحمهالله أنّ السموات والأرض في هذا التأليف نصّ في المخلوقين المعلومين بسبب قرينة المقام ، وهو أيضا محلّ تأمّل (١) ، لاحتمال إرادة العالم العلويّ والسّفليّ وإن اشتمل على هذين المخلوقين أيضا من باب عموم المجاز ، وإن أراد جميع الكلام ، فالتأمّل فيه أظهر (٢).
__________________
ـ تعالى : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) كما هو للمحقّق البهائي واضح ، لأنّ كلام هذا المحقق إنّما هو في إفادة المراد من اللّفظ من الكلام المؤلّف ، فكأنّه ادعى انّ السّماوات والأرض في هذا التأليف نص في المخلوقين المعلومين بسبب قرينة المقام بخلاف كلام ذلك الفاضل ، فإنّه كما تقدم إنّما يناسب بالنظر الى الوضع الأفرادي الذي ليس كلامنا هنا فيه ، مع أنّ ما وقع من المحقق البهائي فيه أيضا تأمل كما سيجيء ، هذا كما في الحاشية.
(١) أي إنّ كلام الشارح الجواد محلّ تأمل حيث مثّل للنصّ بالأرض والسماء من دون قرينة في المقام.
(٢) يعني إن أراد الشيخ البهائي في تمثيله للنصّ بقوله : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، انّ مجموع كلمات هذه الآية نصّ في معانيها يكون التأمل فيه أظهر ، لأنّ ـ