في استعمال اللّفظ مع التنوين لإفادة الوحدة ثم مع اللّام لسلب ذلك وإرادة الماهيّة ، ثم مع الألف والنون لسلب ذلك وإرادة التثنية وهكذا ، جزاف واعتساف.
فالقول : بأنّ الجنس المعرّف باللّام كان أصله منوّنا ثم عرّف باللّام أو بالعكس وهكذا ، قول بلا دليل وترجيح بلا مرجّح ، فلا بدّ من إثبات شيء خال عن جميع تلك العوارض يتساوى نسبته الى الجميع. فلا بدّ من القول بأنّ اللّفظ مع قطع النّظر عن اللّواحق له معنى وإنّما يتفاوت المعنى بسبب إلحاق الملحقات بمقتضى حاجة المتكلّمين بحسب المقامات ، ولا ريب إنّهم اتّفقوا في مثل رجل انّ هذه الحروف الثلاثة بهذا الترتيب موضوعة للماهيّة المعهودة ، وإنّما وقع الخلاف في اعتبار حصولها في ضمن فرد غير معيّن وعدمه (١) ، والمانع مستظهر (٢) والوضع توقيفيّ ، مع أنّ السّكاكي نقل إجماع أهل العربيّة على أنّ المصادر الخالية عن اللّام والتنوين موضوعة للماهيّة لا بشرط شيء ، ويبعد الفرق بينها وبين غيرها (٣) ، فحينئذ نقول : اسم الجنس عبارة عمّا دلّ على الماهيّة الكليّة لا بشرط شيء ، وهو الإسم الخالي من الملحقات وقد يلحقه تنوين التمكّن كما في مثل : هذا رجل لا امرأة ، ومنه قول الشاعر : أسد عليّ وفي الحروب نعامة. وقد يلحقه الألف واللّام للإشارة الى نفس الطبيعة وتعيينه في مثل : الرّجل خير من المرأة ، وفي هذه الأمثلة التفات الى جانب الفرد لا واحدا ولا أكثر.
__________________
(١) أي عدم حصول الماهيّة في ضمن فرد معيّن.
(٢) يعني مطلقا سواء كان في رجل جاءني لا امرأة أو نظائره مثل : جاءني رجل ، وجئني برجل ، فإنّ المقام إنّما يقبل المنع لو أريد به الأعم ، هذا كما في «الحاشية».
(٣) أي بين المصادر الخالية عن الملحقات وغيرها. ولعلّ وجه البعد هو عدم القول بالفصل ، ومن خالف في غير المصادر لعلّه غفلة عن الاجماع المنقول عن السكاكي.