اللّفظ للعموم وغيره على السّوية ، لا مطلق جواز الاستثناء ، والاستثناء هنا قرينة على استعمال اللّفظ في الاستغراق مجازا ، ومن ذلك يظهر التحقيق في الجواب عن الأوّل أيضا ، فإنّ التوصيف بالعام قرينة على إرادة الاستغراق ، ونحن لا ننكر مطلق الاستعمال.
وما يقال (١) في الجواب عن الوجهين : أنّ الظاهر أنّه لا مجال لإنكار إفادة المفرد المعرّف باللّام العموم في بعض الموارد حقيقة ، كيف ودلالة أداة التعريف على الاستغراق حقيقة ، وكونه أحد معانيها ممّا لا يظهر فيه خلاف بينهم. فالكلام حينئذ إنّما هو في دلالته على العموم مطلقا بحيث لو استعمل في غيره لكان مجازا على حدّ جميع صيغ العموم التي هذا شأنها ، والدليل لا يثبت إلّا إفادته العموم في الجملة ، وهو غير المتنازع فيه ، فإنّما هو مبنيّ على الاشتراك اللّفظي أو على إطلاق الكلّيّ على الفرد ، وقد عرفت بطلانهما.
ثمّ اعلم ، أنّا وإن ذهبنا الى أنّ اللّفظ لا يدلّ على العموم لكنّه لازم ما اخترناه من كونه حقيقة في تعريف الجنس ، إذ الحكم إذا تعلّق بالطبيعة من حيث هي والمفروض أنّها لا تنفكّ عن شيء من أفرادها ، فيثبت الحكم لكلّ أفرادها.
والقول : بأنّ الطبائع إنّما تصير متعلّقة للأحكام باعتبار وجودها (٢) ، كلام ظاهري ، بل الطبائع بنفسها تصير متعلّقة للأحكام ومتّصفة بالحسن والقبح ، وغاية ما يمكن أن يقال : إنّه لا وجود لها إلّا بالأفراد.
__________________
(١) القائل هو صاحب «المعالم» : ص ٢٦٣ ، هذا والجواب عن قوله : وما يقال ، هو قوله : فإنّما هو مبني على الاشتراك اللّفظي.
(٢) تعريف لصاحب «المعالم» هذا كما في الحاشية.