أحدهما : أنّه لو لم يكن كذلك للزم كون القرآن غير عربيّ ، وقد قال الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا)(١).
توضيحه : أنّ ما لم ينقل من العرب فهو ليس بعربيّ ، والقرآن مشتمل على المجازات فلو لم يكن المجازات منقولة عنهم يلزم ما ذكر.
وفيه : أوّلا : النقض بالصّلاة والصوم وغيرهما على مذهب غير القاضي (٢).
وثانيا : أنّ ما ذكر يستلزم كون مجازات القرآن منقولا عن العرب لا جميع المجازات.
وثالثا : لا نسلّم انحصار العربي فيما نقل بشخصه عن العرب ، بل يكفي نقل النوع.
ورابعا : لا نسلّم كون القرآن بسبب اشتماله على غير العربيّ ، غير عربي ، لأنّ المراد كونه عربيّ الاسلوب ، مع أنّه منقوض باشتماله على الروميّ والهندي
__________________
ـ المجاز عما ذكروه. وأجيب عن ذلك كما في الحاشية : انّ اهتمام علماء اللّغة بضبط معاني تلك الألفاظ أكثر من اهتمامهم بضبط معاني سائر الألفاظ ، ولذا ترى أنّهم ربما يوردون في غالب الألفاظ معاني متعددة حتى أنّهم قد ذكروا لبعضها ستين معنى ، ولا ريب انّ أكثر هذه الألفاظ من قبيل متحد المعنى.
(١) يوسف : ٢.
(٢) وتقريب النقض انّ الصلاة ونحوها من الألفاظ التي استعملها الشارع في الماهيات المخترعة مجازا ولم يعرفها العرب ، فلو كان غير المنقول بشخصه غير عربي لورد تلك الألفاظ نقضا على المستدل هذا على مذهب القائلين بالماهيات المخترعة. وأما على قول أبي بكر القاضي الباقلاني فلا يرد ذلك نقضا عليه ، فإنّه إنّما يقول ببقاء تلك الألفاظ على معانيها اللّغوية والشارع إنّما زاد عليها شروطا لصحتها خارجة عنها فتلك الألفاظ لا تخرج عن العربية.